الإسلام وتضمنت ذخرا وافرا من المعاني والأفكار التي أفرزها ذلك التغير الشامل والتطور الهائل الذي أحدثه الإسلام في جميع جوانب الحياة" [216] .
أشار أحد المصادر إلى أن عددا من القصائد والمقطوعات الشعرية التي قيلت في عصر الرسالة قد كتبها أصحابها أو من سمعها، إذ ذكر ابن سلام الجمحي (ت 193 هـ) أنه قد أطلع على القصيدة التي قالها أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في حق ابن أخيه والتي مطلعها:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمة للأرامل
في كتاب كتبه أحد أقاربه قبل أكثر من مئة سنة [217] .
بينت هذه الرواية مكانة تلك القصائد في نفوس المسلمين حتى قاموا بتدوينها لتشكل حلقة تكاملية في تكوين ملامح واضحة لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بعد إدخالها وتطعيمها بالحوادث التي قيلت فيها، واستنتج أحد الباحثين أن الأنصار كانوا يهتمون بتدوين شعرهم الخاص بأحداث السيرة لأنه زاخر بأمجادهم ومفاخرهم العظيمة في نصرة الإسلام ونبيه [218] .
من هذه المدونات النثرية والشعرية التي عرضناها آنفا يتبين لنا المسار الذي سلكته كتابة السيرة قبل منتصف القرن الثاني الهجري عندما شرع محمد بن إسحاق في تصنيف أول سيرة شاملة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم [219] . [216] أحمد، شوقي رياض، شعر السيرة النبوية، دار المأمون، مصر، ط 1، 1987، ص 3. [217] محمد بن سلام، طبقات فحول الشعراء، تحقيق: محمود شاكر، دار المعارف، القاهرة، د، ت، ص 224. [218] ينظر، أحمد، شعر السيرة النبوية، ص 120، 128. [219] الذهبي، تذكرة، الحفاظ، 1/ 151.