تبين لنا هذه الاراء التي وصفت أسلوب الواقدي هذا حجم الجهد الذي بذله في كتابته لمصنفه ومقدار النقلة النوعية التي اوجدها لكتابة السيرة النبوية بعامة، إذ انتهج هذا الأسلوب والمنحى مؤرخون عديدون كتبوا في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله [22] .
4. الاهتمام في إيراد المعجزات التي ظهرت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في المغازي، إذ وجدناه يتتبع أخبارها ويحدد أماكن وأوقات حدوثها [23] ، فمنها ما ذكره عن معجزة نبع الماء من بين أصابعه عندما وضعها في ركوة ليس فيها إلا القليل من الماء بعد ما اشتد العطش بالمسلمين عند رجوعهم من غزوة تبوك [24] .
كان عمل الواقدي هذا أحد الأسس والثوابت التي اتكأت عليها المصنفات التي اختصت بجمع دلائل نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ومعجزاته، إذ نجد أبا نعيم الأصفهاني (ت 430 هـ) كثيرا ما كان ينقل نصوصا منه في كتابه [دلائل النبوة] [25] ، واعتمد عليه أيضا البيهقي عند إحصائه معجزات الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ودلائل نبوته [26] .
مع كل هذه الأمور التي أوجدها الواقدي لكتابة السيرة فإنها لم تكن شافعة له بالحصول على ثقة علماء عصره في ما يرويه من حوادث ولا سيما من قبل [22] ينظر، ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1/ 20- 25، العظيمي، التاريخ، ورقة 51- 52، الكلاعي، الاكتفا، 1/ 2- 7. [23] ينظر، المغازي، 1/ 93- 94، 97- 98، 107، 125- 127، 242، 243، 251، 263- 264، 274، 276، 323- 324. [24] ينظر، المصدر نفسه، 3/ 1040- 1041. [25] ينظر، 1/ 37، 47، 70، 106، 107، 113، 119، 2/ 247، 248، 252، 255، 308. [26] ينظر، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، 3/ 15- 16، 31، 79- 80، 88- 89، 94- 95، 99، 133، 149- 150، 168.