المحدثين فقد نعتوه بأنه كان كذابا ويفتعل الأحاديث ويضعها، ووصفوه أيضا بأنه كان يحدث بالمناكير ويضع الأسانيد ... الخ من الأحكام التجريحية التي وسم بها الواقدي [27] ، ولكن مع هذه الصفات القاسية التي وصف بها الواقدي فقد وجد من يوثق الواقدي ويرفعه إلى مرتبة أمير المؤمنين في الحديث فضلا عن نعوت أخرى تعارض الكلام السابق الذي جرح فيه [28] .
علل ابن سيد الناس (ت 734 هـ) هذا التناقض بالأحكام الصادرة على شخص الواقدي من قبل علماء الجرح والتعديل بالقول: " إن سعة العلم مظنة لكثرة الأغراب وكثرة الأحزاب، مظنة للتهمة، والواقدي غير مدفوع عن سعة العلم فكثرت بذلك غرائبه ... وقد روينا عنه من تتبعه آثار المواقع وسؤاله في أبناء الصحابة والشهداء ومواليهم عن أحوال سلفهم ما يقتضي انفرادا بروايات وأخبار لا تدخل تحت الحصر وكثيرا ما يطعن في الراوي برواية وقعت له من أنكر تلك الرواية عليه واستغربها منه ثم يظهر له أو لغيره بمتابعة متابع أو سبب من الأسباب من مقتضى الطعن فيتخلص بذلك من العهدة" [29] .
تبقى لنا ملاحظة تجب الإشارة إليها وهي معرفة مدى الموضوعية والأمانة في نقل وقائع الأحداث من دون مجاملة أو حذف، إذ قطع أحد الباحثين بأن الواقدي كان أمينا في عرضه لحوادث المغازي [30] ، ولكن باحثا آخر لم يكن رأيه مشابها لهذا الرأي بل وصف الواقدي بالقول: " قلنا إن منهج الواقدي [27] ينظر، الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، 3/ 12- 18. [28] ينظر المصدر نفسه، 3/ 9- 12. [29] عيون الأثر، 1/ 20. [30] ينظر، الكبيسي، الواقدي ومنهجه في كتاب المغازي، ص 172- 184.