4. التبويب والتنسيق للمواضيع التي شملتها السيرة وحصرها ضمن عناوين متسلسلة غير مضطربة أو مشوشة، وهذا ما جعلها محط رضا من كتب في السيرة أو علق عليها، إذ يصف أحد هؤلاء هذه الميزة التي تميزت بها سيرة ابن إسحاق بالقول: " واستغنيت عن كتاب محمد بن عمر الواقدي لأنه لم يحضرني الان ولكني رأيته كثيرا ما يجري مع ابن إسحاق فاستغنيت عنه به بفضل فصاحة ابن إسحاق في الإيراد وحسن البيان الذي لا يقل معه استحسان الحديث المعاد" [11] .
لم تقتصر هذه السيرة على هذه العوامل التي أسهمت في اشتهارها بل توافقت مع أمور أخرى أمتاز بها ابن إسحاق نفسه في عرضه لأخبار السيرة، وهذه الأمور هي:
1. التوفيق بين أسلوب أصحاب القصص والأخبار وبين المحدثين في عرض المادة التأريخية، إذ نراه يتحدث عن أهل الكتاب الذين يسميهم أهل العلم الأول أو أهل التوراة مع إغفاله لأسماء من حدثه من أهلها [12] ، فضلا عن إتباعه أسلوب المدرسة اليمنية المشهور بالقصص والأساطير القديمة [13] ، إذ لمسنا هذا الأمر في الروايات التي سجلها لنا عن الأحداث التي جرت قبل الإسلام [14] ، أما من حيث إتباعه لمنهج المحدثين، فقد كان الإسناد في الخبر والحديث هو السمة [11] الكلاعي، الاكتفا، 1/ 4. [12] ينظر، الطبري، تأريخ الرسل والملوك، 1/ 44، 122، 144، 202، 364. [13] الدوري، بحث في نشأة علم التأريخ عند العرب، ص 28. [14] ينظر، ابن هشام، السيرة، 1/ 5- 248.