اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 55
نقل ما كان يقوله في المديح من عالم الأحياء إلى عالم الأموات.. بالإضافة إلى ذلك، كان يظهر أثر فقد المرثي في الناس والمجتمع» [1] .
والدليل على مسلك كعب هذا قوله:
أيا عين فابكي بدمع ذرى ... لخير البريّة والمصطفى
وبكّي الرّسول وحقّ البكا ... عليه لدى الحرب عند اللّقا
على خير من حملت ناقة ... وأتقى البريّة عند التّقى
على سيّد ماجد جحفل ... وخير الأنام وخير اللها «2»
فهذه المعاني في مجملها معاني مديح، وقد رددّها شعراء المديح النبوي إلى يومنا هذا، ونلحظ هذا التوجه عند حسان بن ثابت أيضا في رثائه للرسول الكريم فهو يقول:
نبّ المساكين أنّ الخير فارقهم ... مع النّبيّ تولّى عنهم سحرا
من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ... ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا
كان الضّياء وكان النّور نتبعه ... بعد الإله وكان السّمع والبصرا «3»
هذا النوع من الرثاء الذي يجمع بين الحزن لوفاة الرسول الكريم وبين الإشادة بفضائله الكريمة وأخلاقه السامية، وبيان أثره في الإنسانية، هو الذي جعل مفهومي المديح والرثاء يتداخلان، لكن رثاء الرسول الكريم لم يكن كله على هذه الصورة، فإننا نجد مقطوعات كثيرة لأهله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه اقتصرت على الرثاء الخالص، وصوّرت الحزن لوفاته، والبكاء عليه، ومن ذلك ما روي عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-: [1] ديوان كعب بن مالك ص 114.
(2) المصدر نفسه: ص 173.
(3) ديوان حسان بن ثابت ص 220.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 55