اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 56
لمّا رأيت نبيّنا متجندلا ... ضاقت عليّ بعرضهنّ الدّور
وارتعت روعة مستهام واله ... والعظم منيّ واهن مكسور
أعتيق ويحك إنّ حبّك قد ثوى ... وبقيت منفردا وأنت حسير «1»
فرثاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند وفاته، شارك المديح في تكوين أساس لشعراء المدائح النبوية وعن هذا الأساس أخذوا الكثير من المعاني والأفكار، وعرفوا كيفية مخاطبة الرسول الكريم، أو الحديث عنه شعرا، كما استقوا كثيرا من الألفاظ والتعابير.
ووفق هذه المقاييس سار شعراء المديح النبوي، وتحرروا من إشكال الرثاء والمديح، ولم يعد يدور في خلدهم أنهم يرثون، أو أن مديحهم للرسول الكريم به ما يميزه، فهم اطمأنوا إلى أنهم يمدحون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وخاصة عند معرفتهم لبعض الأحاديث عن حياة الرسول الأمين وردّه السلام على من يسلم عليه [2] .
والغريب أننا لا نعدم رثاء للرسول الكريم بعد مضي مدة طويلة على وفاته، بل وبعد قرون طويلة، استدعى التأليف الرثاء، ففي كتاب (سلوة الكئيب في وفاة الحبيب) نجد قصيدة في رثاء النبي الكريم منها:
لله هذا الموت لم يبق ذا ... تقوى لتقواه ولا ذا اجترام
ولو يحاشي أحدا في الورى ... حاشى نبيّ الله خير الأنام
(1) ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/ 320. [2] رويت عدة أحاديث مشكوك فيها حول حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قبره، منها «إن الله ملكا أعطاه سمع العباد، فليس من أحد يصلي عليّ إلا أبلغنيها» ، وأورد البيهقي في كتاب حياة الأنبياء: «إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلّون بين يدي الله عز وجل حتى ينفخ في الصور. ومنها: «أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبر بعد ثلاث» . السيوطي: اللآلي الموضوعة في الأحاديث الموضوعة: ص 147 و 148.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 56