اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 54
فأسس التفريق بين الرثاء والمديح هي الزمن، وهو المدة التي تفصل وقت قول الشعر عن وقت الوفاة، والمضمون، وهو البكاء والندب في الرثاء، والثناء والحمد في المديح، والممدوح، فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم امتاز عن باقي البشر، فامتاز الشعر الذي قيل فيه بعد وفاته عن غيره من الشعر الذي قيل في سواه.
فالشعر الذي قاله الصحابة بعد وفاة الرسول الهادي رثاء له، وإن التقى في معانيه مع شعر قيل في زمن آخر، وهذا الشعر الذي نحن بصدد الحديث عنه هو مديح خالص.
والسبب في هذا التداخل هو أن الناس اعتادت على تعريف التقريظ أنه «مدح الرجل حيا، والتأبين مدحه ميتا» [1] .
فالتقى التقريظ والتأبين في أن كلا منهما مدح، ولذلك تشابه الأمر على بعض الأدباء، فلم يفرّقوا بين رثاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومدحه، ومنهم النبهاني [2] حين صنع مجموعته، فإنه قال: «افتتحت هذه المجموعة بنظم الصحابة فيه صلّى الله عليه وسلّم وقسمته إلى قسمين، الأول: المراثي، والثاني المديح» [3] .
ومجموعته مقصورة على المدائح النبوية، ولذلك أدرج المراثي معها دون أن يفرق بينها أو ينبّه على ذلك.
وقد لاحظ محقق ديوان كعب بن مالك أن «المسلك الذي اتبعه كعب في رثائه هو [1] ابن السيد البطليوسي: الاقتضاب في شرح أدب الكتاب ص 158. [2] النبهاني: يوسف بن إسماعيل بن يوسف، شاعر أديب من رجال القضاء، ولد في فلسطين، وتعلم بالأزهر، وعمل في تحرير جريدة الجوانب في الأستانة، وتنقل في أعمال القضاء ببلاد الشام له تصانيف كثيرة في الحديث والفقه والأدب منها (المجموعة النبهانية في المدائح النبوية) . وله دواوين خاصة في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفي سنة (1350 هـ) . الزركلي: الأعلام 8/ 218. [3] المجموعة النبهانية 3/ 32.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 54