اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 539
وأفاد الناس أيضا من مجادلة شعراء المدائح النبوية لأهل الكتاب، معرفة بأصول دياناتهم، والتقائها أو افتراقها عن الدين الإسلامي، وردّوا افتراآت الغزاة على الدين الإسلامي الحنيف ونبيه الكريم.
هذه ملامح من أثر المدائح النبوية الاجتماعي، وإلى جانب ذلك كان للمدائح النبوية أثر تعليمي تجلّى في المعلومات التاريخية والدينية، وصور البطولة والعظمة، والمواقف الأخلاقية الفذة، والقدوة الحسنة، والدروس المفيدة، التي حفلت بها المدائح النبوية، ولا بد أن الناس أفادوا منها تاريخا وخلقا ومعرفة بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعجزاته، وأنهم حاولوا الاقتداء بسنّته والابتعاد عمّا يخالفها.
لقد نقل شعراء المدح النبوي المقاصد الدينية إلى الشعر، وتابعوا الدين في توجيه الناس، وإرساء روح الجماعة بينهم، ومحاربة العادات السيئة والأوضاع الخاطئة، وتقديم القدوة من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيرته. ووضعوا المعلومات الدينية والتاريخية في قالب الشعر الذي يصل إلى كل الناس، ويسهل حفظه، فأوصلوا إلى معاصريهم المعاني الإنسانية والنفسية والاجتماعية، ومقومات الأمة ومثلها العليا، التي أكسبتها شخصيتها لتتوارث وتستمر.
وظهر للمدح النبوي أثر في الشعر العربي آنذاك، تجسد في وجوه عدة، منها رسوخه غرضا شعريا مستقلا، وأخذه حيّزا كبيرا من الشعر المنظوم في ذلك العصر، وتأثيره في أغراض الشعر الآخرى.
وكان الشعراء يرون للمدح النبوي تأثيرا في شعرهم وشاعريتهم، فهو من ناحية يدخل السرور والطمأنينة إلى النفوس المؤمنة، ويشعرها بالارتياح، فيأتي شعرها رائقا.
بعيدا عن أدواء الشعر، وهو من ناحية ثانية يجعل شعرهم منتشرا بين الناس، ويشهرهم، ولذلك يحرصون على إجادته والاحتفال به، كيلا ينحدروا في نظمه
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 539