اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 540
انحدارهم في نظم الموضوعات الآخرى، وبذلك يكون موضوع المدح النبوي دافعا للإبداع وحث القرائح، والإجادة.
وإلى جانب ذلك بلغ هذا الفن من الاتساع حدا كبيرا، إلى أن أصبح الفن الشعري الأول في العصر المملوكي، وتجلى ذلك في الدواوين الكثيرة المقتصرة على المدح النبوي، والمجموعات الشعرية الكبيرة الموقوفة عليه، والقصائد الكبيرة التي لم تعهد في الشعر العربي من قبل، ومشاركة كل الشعراء، أو من يأنس في نفسه مقدرة شعرية، مهما كانت بسيطة، في نظم المدائح النبوية.
ولا شك أن هذه الرغبة الكبيرة في المشاركة بفن المدح النبوي قد دفعت الراغبين إلى الدرس والتحصيل والاستعداد لنظم الشعر، فكان المدح النبوي أحد دوافع التعلم والتثقف، وأحد العوامل التي حثت القرائح وأعملت العقول، ومنعت الشعراء من الاستغراق كليّا في الصنعة الجامدة، والألاعيب اللفظية، فقداسة الموضوع حتّمت عليهم الارتقاء بشعرهم، والحرص على جزالته، لأنه لا شيء أهم من الشعر الديني يستحق عناء الدرس وبذل الجهد، وبذلك حافظ شعر المدح النبوي على شيء من الأصالة والجزالة، لم تتوفر للموضوعات الآخرى.
فالمدح النبوي بعث الحركة والنشاط في الشعر المملوكي، وحافظ على صورته الأصلية، وإن كان قد تأثر بأشكال التعبير الشعري التي عرفت آنذاك.
ودخلت مفردات المدح النبوي إلى قصائد الموضوعات الآخرى في شعر ذلك العصر، فكان الشعراء يختتمون قصائدهم بالصلاة على النبي، أو يفتتحونها بمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو يمدحون الخلفاء ببعض ما يمدح به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو يقدّمون للقصائد بما يقدم به للمدائح النبوية، أو يتمثّلون بأحوال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو يستعيرون تعابير المدح النبوي للتعبير بها في المواضيع الآخرى كالمدح والغزل.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 540