اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 538
لقد وضعت المدائح النبوية أمام الناس أمثلة عظيمة من العدل الاجتماعي، وحرّكت في نفوسهم التّوق إلى العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية، فتضافرت مع أسباب أخرى، ليظهر التململ الاجتماعي.
وكانت المدائح النبوية مناسبة عظيمة لينفّس العرب فيها عن كربهم وكبتهم، فهم يمدحون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو عربي الأرومة واللسان، ويمدحون الصحابة الكرام، وهم عرب، ويشيدون بالعرب دون أن يعترضهم أحد، فالعرب افتخروا ببعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بينهم، وبحملهم للرسالة السامية، وإقامتهم لدولة الإسلام، ومن الواجب أن يكون لهم شأن في بلادهم.
فقد أثارت المدائح النبوية وما تضمنته من مدح للعرب، في نفوس العرب الرغبة في الانتصاف، وأحيت الأمل باسترجاع مكانتهم في الدولة الإسلامية، وذكّرت الناس بحقهم، ووجوب مراعاة جانبهم، لفضلهم السابق ولشرفهم ببعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم.
ولو دققنا في الحركة الثقافية في العصر المملوكي، لوجدنا أنها جانب من حركة البحث عن الذات القومية التي تجلت في العناية بالتاريخ القومي والسير الشعبية وموسوعات التراث العربي.
وإضافة إلى ذلك كله كان الاعتقاد قويا بكل ما يتعلق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنه المدح النبوي، وبأثره في سامعيه، فكانت المدائح النبوية عندهم مما يجلب المنافع ويدفع المكاره، ووسيلة للوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة.
وقد أثارت المدائح النبوية جدلا عقائديا بين المسلمين، عرضوا فيها آراءهم ومعتقداتهم، وعرّفوا الناس بها وبأصولها، وتصدى شعراء المدح النبوي لما رأوه انحرافا في العقيدة، يهدّد وحدة المسلمين في عصر، هم فيه بأشد الحاجة إلى الوحدة لمجابهة الغزوات العاتية.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 538