اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 537
وكانت في الغالب ثقيلة متكلفة، لم تندمج في الشعر، وظلت نابية ظاهرة، جارت على المعنى والأسلوب معا، وأضحت هي المقصودة في الشعر، وجاءت العناصر الآخرى لخدمتها وإظهارها، وهذا لا يعني أن أهل عصرها كانوا ينفرون منها، بل على العكس من ذلك كانوا يسرّون بهذه الصنعة، لأنها تلبّي رغبتهم وتشبع ميولهم، وتقع في نفوسهم موقع الإعجاب، لأنها توافق هوى في نفوسهم، وترضي حاجتهم إلى الجمال كما كانوا يتصورونه.
وارتبطت المدائح النبوية بأوزان الشعر العربي المعروفة، وانطلقت بعد ذلك ومن خلالها إلى تشكيلات وزينة مختلفة، وإلى الأوزان التي عرفها أهل العصر، فنظمت المدائح النبوية وفق الأشكال الشعرية التي كانت معروفة في ذلك العصر، كالموشح والفنون الملحونة، وحاول الشعراء الإفادة من كل عناصر الإيقاع والموسيقا في اللغة والأوزان، ليفوا بحاجة المنشدين ومجالس الذكر.
إضافة إلى ذلك كله فإننا نجد مدحا نثريا متنوّعا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، جاء على شكل رسائل ومقامات، وفي خطب الكتب وأثنائها، إلى جانب الموالد النبوية.
فالشكل الشعري للمدحة النبوية، حمل كل الخصائص الفنية في العصر المملوكي، هذه الخصائص التي جاءت من تأثير البيئة في الشعراء، ومن نظرتهم الجمالية، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
إن انتشار المدائح النبوية انتشارا عظيما، لا بد أنه قد ترك آثارا مختلفة في النشاط الاجتماعي والثقافي للمجتمع المملوكي، ولا بد أن شعراء المدح النبوي قد لمسوا ذلك، وهذا ما حفزهم على المضي بنظم هذا الفن والاتساع به قدر استطاعتهم، فجعلوا من المدح النبوي مشاركة بدعوات الإصلاح في الحكم والمواعظ التي نثروها في المدائح النبوية، وانتقاد مظاهر الخلل في المجتمع، وخاصة حين تقرن هذه الدعوات بالقدوة الصالحة من سيرة سيد الخلق.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 537