اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 536
وتبعا لذلك جاءت صياغة القصائد متفاوتة أيضا، تعكس المذاهب الفنية للشعر في العصر المملوكي، فنجد المدائح النبوية التي تضارع القدماء في صياغتهم وألفاظهم وطريقتهم في التعبير الشعري، وتتابعهم في خصائص شعرهم، إما بالمعارضة التي يستعين بها الشاعر، فينظم على مثال معروف حاضر في ذهنه، يتتبعه في إطاره العام، مستفيدا من وزنه وقافيته وبعض ألفاظه وتعابيره، وإما بالإنشاء الذاتي، بعد أن يملك الشاعر عدة متابعة القدماء، من ذخيرة لغوية مناسبة، ومعرفة بالشعر القديم وأساليبه، ومقدرة شعرية تتيح له هذه المتابعة.
ونجد مدائح نبوية تحمل سمات عصرها، وتنظر إلى التراث الشعري السابق، فجاءت صياغتها وسطا في جزالتها وفصاحتها، يسير الشاعر فيها على سجيته، ووفق ما تسمح به ثقافته وموهبته، فهي لا ترقى إلى أشعار السابقين، ولا تهبط إلى أشعار البديعيين، عليها رواء الشعر، وفيها ثقل الصنعة، وتظل مقبولة إذا قيست بالضرب الثالث من قصائد المدح النبوي، الذي شغف به شعراء العصر، وأحالوا فيه القصائد إلى هياكل من الزينة اللفظية والمعنوية، ومتون لضروب البديع التي وصلوا بها إلى قدر كبير من التكلف والتصنع، فذهبت بالأسلوب الشعري والمعنى معا، ولم يبق من الشعر إلا شكله الخارجي من وزن وقافية، وما بينهما هو تعمل وتكلف، يحشد فيه الشاعر كل ما يستطيع من ضروب البديع وأفانين الصنعة.
أما الألفاظ في المدح النبوي، فإنها تتفاوت في صحتها وفصاحتها من شاعر إلى شاعر، فالمتمكن تأتي ألفاظه صحيحة فصيحة، والشاعر الذي يعاني ضعفا في ملكته الشعرية وثقافته اللغوية، يعوّض ما ينقصه بأخذ الألفاظ والتعابير من هنا وهناك، فيبتعد فيما ينظمه عن اللغة الشعرية والتعبير الشعري.
في حين أن الصنعة الشعرية قلما جاءت في المدائح النبوية خفيفة مقبولة، طوّعها الشعراء للشعر، وأخضعوها للمعنى، وأبقوها حلية للشعر، تحرك أسلوبه وتزيينه،
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 536