اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 494
بصور البطولة والكفاح من أجل إثبات الوجود العربي، وإعلان رسالة الإسلام المقدسة، التي أحلّت العرب محل الصدارة بين الأمم» [1] .
وضرب لذلك مثلا بردة البوصيري، فقال: «هل تقاس معلقة عمرو بن كلثوم مثلا بقصيدة البردة، وما اشتملت عليه من فنون القول، كالنسيب الذي يرقق الطباع، والحكمة المزكيّة للنفس، والإعلان عن مولد صاحب الدعوة الإسلامية، وما صاحبه من الآيات والعجائب، ما صح منها، وما يروى عن طريق الرؤى والتجليات، لأن المقام للخيال الشعري أكثر مما هو للتحقيق العلمي» [2] .
وإن كنّا نوافق الأستاذ كنون في جلّ ما تحدث به، إلا أننا لا نقره بأنه يمكن أن يكون الحديث عن المعجزات من باب الخيال الشعري أكثر مما هو للتحقيق العلمي، فهذا الأمر يصح في غير الدين، وإن كان شعراء المدح النبوي قد فعلوا ذلك، فهم الملومون، ولا يا بنى على تجاوزهم أية حقيقة أدبية.
إن تحلي بعض قصائد المدح النبوي بعناصر الملحمة شيء موجود يحسه كل من يطالع هذه القصائد، ففيها يمتزج العالم الواقعي بالعالم الروحي، وفيها تصوير لمعارك وحروب بطولية خارقة، وفيها قيم إنسانية نبيلة، وفيها سرد لأحداث الدعوة الإسلامية ولحياة الرسول الكريم، وفي بعضها يمتد الصراع إلى الأمم الآخرى، وفيها تصوير لمراحل نشوء الأمة العربية الإسلامية وانتصارها على أعدائها، وإيضاح لرسالتها السامية الخالدة التي حملتها إلى البشرية، وفيها فوق هذا وذاك تجسيد للإنسان الكامل، رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البطل الإنساني المطلق، والمثل الأعلى للإنسانية في جوانب حياتها كافة.
وماذا يبقى لتصبح هذه القصائد ملاحم؟ الأسطورة؟ [1] كنون، عبد الله: أدب الفقهاء ص 192. [2] المصدر نفسه ص 193.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 494