اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 455
ومن دونه عرب يرون نفوس من ... يلوذ بمغناهم حلالا لهم طلقا
بأيديهم بيض بها الموت أحمر ... وسمر لدى الهيجاء تحمل الزرقا
أيا سيّد العرب الكرام ومن ... غدت سيادتهم للنّاس كلّهم حقّا «1»
بدأ الشاعر مدح العرب بالشجاعة والمنعة، وعند ما وصل إلى مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصفه بسيد العرب الكرام، الذين تحقّ سيادتهم على الناس جميعا، فهل يوجد تعبير أفصح من هذا، يوضح ما كان يعتمل في نفوس العرب آنذاك، ويجسّد تطلعاتهم إلى السيادة في بلادهم، وتململهم من تسلط المماليك عليهم؟
ولكن إدراجه هذا المعنى في المدح النبوي يمنع مؤاخذته عليه، ويتيح له الانتشار بين الناس، وترديده كلما ردّدت قصيدته أو أنشدت في مجالس الذكر والإنشاد، أو في الاحتفالات الدينية.
ويقرب من توجه الجهني هذا توجه الشاب الظريف في مدحة نبوية له، تحدث فيها عن العرب، وأظهر تعلّقه بالعروبة في عصر كانت الإشادة فيه مقصورة على الأتراك الحاكمين، فأطلقها صرخة عربية قائلا:
قوم هم العرب المحميّ جارهم ... فلا رعى الله إلّا أوجه العرب
أعزّ عندي من سمعي ومن بصري ... ومن فؤادي ومن أهلي نشبي
إن كان أحسن ما في الشّعر أكذبه ... فحسن شعري فيهم غير ذي كذب «2»
فالعرب هم أصحاب المروءة والشهامة، الذين يحفظون من يستجير بهم، وهذا يظهر إيمان الشاب الظريف بالعروبة، وصدقه في الإشادة بالعرب، وفي دعائه لهم تأكيد
(1) اليونيني: ذيل مرآة الزمان 4/ 219.
(2) ديوان الشاب الظريف ص 56.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 455