اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 395
كذاك حروف الخطّ قد نقطت له ... وقد كان لا يدري الهجاء ولا الخطّا «1»
وربما كان الشاعر كاتبا رسميا، يحرر (الضبوط) كما يفعل رجال الشرطة الآن، ويتثبت من صحة الخط والتواقيع، ليظهر إذا كان في الكتاب كشط أو تغيير، فنقل مصطلحات الكتابة إلى الغزل والمدح النبوي، فقلبت الأمور عنده وعند غيره من شعراء هذا المذهب، فبعد أن كان التعبير الطبيعي هو الأساس، والصنعة زيادة طفيفة لتجميل التعبير وتحسينه، أضحت الصنعة هي الأساس، والتعبير الطبيعي لوصل قطع الصنعة، وربطها ببعضها.
ولذلك مالت الصنعة بكثير من الشعراء إلى الركاكة والضعف والخطأ، وخاصة حين يستخدمها من لا باع له بالشعر ولا ممارسة، مثل ابن زقاعة الذي تعانى الخياطة ثم طلب العلم، وأضحى أحد المتصوفة، وترك ديوانا صغيرا كله مواجد صوفية ومدح نبوي إلا أن شعره ضعيف ركيك، أثقلته الصنعة، ومن ذلك قوله:
غصن بان بطيبة ... في حشا الصّبّ راسخ
من صباي هويته ... وأنا الآن شائخ
عجبا كيف لم يكن ... كاتبا وهو ناسخ
أحمد سيّد الورى ... وبه شاد شالخ
عقد إكسير ودّه ... ليس له عنه فاسخ «2»
فماذا في هذا النظم من الشعر، الأسلوب ضعيف، والألفاظ ليست فصيحة أو صحيحة، والتعبير مهلهل يقرب من العامية، ومع ذلك يصرّ هذا الشاعر على استخدام
(1) ديوان ابن مليك الحموي: ص 18.
(2) السخاوي: الضوء اللامع/ 131.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 395