اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 394
لا غرو أن رقص الفؤاد لذكرهم ... قد ترقص الأطيار وهي ذبائح «1»
فالشاعر أراد التشبيه، فعبر عنه تعبيرا مباشرا، قبل أن يختمر في ذهنه، فماذا كانت النتيجة في التعبير؟ ركاكة وضعفا، لأنه ينقل كل فكرة أو كل جزء من فكرة نقلا عن غيره، قبل أن تصبح الأفكار والعبارات من ثقافته الشخصية، لذلك يستعين على أداء مشاعره بهذه الطريقة العرجاء، وهذا ما فعله في المدح النبوي في قصيدة أخرى، حيث قال:
خصّك الله باختصار البلاغا ... ت فأدّيتها بلفظ وجيز
وتميّزت فانتصبت لمولا ... ك بعزم نصبا على التّمييز
عفت دنيا تبرّجت لك حسنا ... كزليخا تبرّجت للعزيز «2»
فهذا الأسلوب انحرف به صاحبه عن السليقة، وعن النظم العربي للكلام، وطريقتهم في التعبير الواضح المستقيم، الذي لا يتكئ على أشياء خارجية لإيصال المعنى إلى المتلقي.
وسار ابن مليك في تصنعه من القضاء والحرب إلى الكتابة والخط، وهو في ذلك كله يتحدث عن الغزل والمدح، ويظهر أن مسألة الخط والكتابة قد استهوته، فذكر مصطلحاتها في مدحة نبوية، وقال:
أكاتب خطّ الوصل حرّر لي الضّبطا ... عسى مالكي في الحبّ أن يثبت الخطّا
فنسخة خدّي اليوم بالسّقم قوبلت ... ألم تر فيها الدّمع قد أوضح الكشطا
هو العاقب الماحي محا الكفر سيفه ... كذا قلم الشّرك انبرى وبه انقطّا
(1) المجموعة النبهانية: 4/ 334.
(2) السيوطي: نظم العقيان ص 80.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 394