اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 393
ما زال مسعر قلبي من طريق أبي الز ... زناد عن واقد الخدّين يرويه
وسلسل الدّمع أخبار الغرام فقل ... ما شئت في ابن معين أو أماليه
صب تفقّه في شرع الهوى فغدا ... إمام مذهب أهل الحبّ مفتيه
في كلّ يوم له درس يطالعه ... في صفحة الهجر بالذّكرى ويلقيه «1»
ولا يخفى على المطلع ما في هذا الأسلوب من تصنع وتكلف، وانحراف عن النهج السليم في التعبير عن المشاعر الرقيقة التي ضاعت بين مصطلحات الحديث وأسماء رواته، وبين الفقه ومذاهبه، والدراسة والمطالعة والإلقاء، وغير ذلك من مصطلحات العلوم، والتي أظن أن الشاعر كان يحرص على إيرادها ليثبت معرفته الواسعة بهذه العلوم، وطول باعه فيها.
لقد أضاع العواطف والأفكار بين الأسماء التي أراد إثبات مهارته في استخدامها للتعبير عن فكرته، وبين مصطلحات العلوم، فلم يعد التعبير العربي الأصيل موجودا عنده، ولم يعد مذهب العرب في كلامهم كافيا ليؤدي ما بنفسه، لقد ضاقت عليه مذاهب القول كلها، ولم يعد أمامه إلا أسلوب المتصنع الملتوي الذي لا يلقيق بالنثر فكيف بالشعر.
وهذا كان دأب شعراء الصنعة الذين أحالوا صياغة الشعر إلى تكلف وتعقيد ثقيل، فلم يكن النواجي وحيد دهره في هذا الأسلوب، بل شاركه فيه غير واحد، تنافسوا على الفوز بمصطلح علمي، يعبّر فيه الشاعر عن أفكاره ومشاعره، ويزهو بعد ذلك بتجديده. ومن هؤلاء الشهاب المنصوري الذي قدّم لإحدى مدائحه النبوية بقوله:
فأضالعي قفص وكلّ بلابلي ... ممّا لقيت عليّ فيه نوائح
(1) المجموعة النبهانية: 4/ 289.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 393