اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 396
فنون البديع في شعره، فكانت النتيجة قصيدته تلك وقصائده الآخرى، ومنها قصيدة يتلاعب فيها بالحروف على طريقة المتصوفة، فيقول:
أقسم بالطّاء قبل هاء ... والسّين والميم بعد طاء
والألف الأوّل المبتدا ... على حروف من الهجاء
أوّل فتحي بفاتحات ... من آل حاميم في ابتداء
والباب منها إنّا فتحنا ... وحارس الباب حرف فاء «1»
فهذا هو الأسلوب الرمزي المعمّى الذي لحقه الضعف والركاكة، ونخرته الصنعة البديعية التي لم تستخدم استخداما حاذقا، فأضحى التعبير بعيدا عن الفهم، قريبا من العامية، فيه من الركاكة ما يجعل تسميته شعرا موضع تساؤل، بل يجعلنا نتساءل إذا كان ناظم هذا الشعر في وعيه الكامل حين نظمه، ولا بأس أن نسيء الظن بالذين احتفلوا به.
إلا أن مثل هذا الأسلوب الركيك ليس شائعا في المدح النبوي، واقتصر على بعض المتصوفة الذين جاؤوا من بيئات شعبية، وتوجّهوا بشعرهم إلى هذه البيئات؛ وأن أنهم لم يكن يدور بخلدهم أن يكتب هذا الشعر ويحفظ ليصل إلينا في دواوين شعرية، احتفل بها بعض الباحثين، وأشاعوها لمضمونها السامي، أو لغرض في أنفسهم، أما باقي شعر المديح النبوي، فإنه صحيح فصيح، تندر فيه الركاكة والضعف، وتقتصر على نظم بعض العلماء الذين لم يؤتوا من موهبة الشعر حظا وافرا، مثل ابن حجر في مدحته التي يقول فيها:
وأزال بالتّوحيد ما عبدوه من ... صنم برأي ثابت وصليب
لم يحتموا من ميم طعنات ولا ... ألفات ضربات بلام حروب [2] .
(1) ديوان ابن زقاعة: ورقة 4. [2] المجموعة النبهانية: 1/ 460.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 396