اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 251
أما البوصيري، فإن ذكره للحقيقة المحمدية لم يكن واسعا، ولم يرد في مدائحه النبوية إلا ثلاث مرات، أوضحها في معرض مدح النبي الكريم وذكر معجزاته، والدلالة على قربه من ربه، ورسوخه في النبوة، قال:
كان سرّا في ضمير الغيب من ... قبل أن يخلق كون أو يكونا
أسجد الله له أملاكه ... يوم خرّوا لأبيه ساجدينا
ودعا آدم باسم المصطفى ... دعوة قال لها الصّدق آمينا «1»
فالبوصيري شدد على قدم النور المحمدي، وعلى استمرار هذا النور في آباء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منذ بداية الخلق، وعلى عظم قدر هذا النور عند الله تعالى، ولم يعط تفصيلات أكثر لنظرية الحقيقة المحمدية.
وهذه المعاني وردت عند الصرصري، ولم يزد عليها شيئا غير التصريح بأن اسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان مكتوبا على العرش عند خلق آدم عليه الصلاة والسلام، فقال في إحدى مدائحه النبوية، وهو يعدّد خصائصه صلّى الله عليه وسلّم:
ورأى بعينيه على العرش اسمه ... فدعا به حين استقلّ بذنبه «2»
فالصرصري يذكر رواية غيبية عن بداية الخلق، فيها كتب الله اسم رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم على العرش، وتوسل آدم باسم النبي الكريم لينال مغفرة الله تعالى، وقدم نبوة رسول الله التي تتقدم على خلق آدم ووضع النور المحمدي في جبهة آدم، لينتقل بعد ذلك في آباء رسول الله الكرام حتى تجسّد بشخصه الكريم، وهذه كلها صور من صور الحقيقة المحمدية.
(1) ديوان البوصيري: ص 258.
(2) ديوان الصرصري: ورقة 9.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 251