اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 252
ووضع الحلّي الحقيقة المحمدية في صورة جديدة، وعلى شكل شروط لحوادث تاريخية، لو اقترنت بخاصة من خصائص الرسول الكريم لما جرت على النحو الذي وقعت به، فقال:
لو أنّ جودك للطّوفان حين طمت ... أمواجه ما نجا (نوح) من الغرق
لو أنّ عزمك في نار الخليل وقد ... مسّته، لم ينج منها غير محترق
لو أنّ بأسك في موسى الكليم وقد ... نوجي، لما خرّ يوم الطّور منصعق «1»
فالحلي، جعل الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- يتوسلون برسول الله ليكشف الله تعالى كربهم، وجعله السر في معجزاتهم. ومن هنا جاءت مقارنة الجعبري بين ما أعطي الأنبياء من فضائل، وبين فضائل النبي الكريم في قوله على لسان الخالق عز وجل:
إن كان آدم للخلائق أوّلا ... ها أنت يا مختار أوّل خلقنا
أو كان إبراهيم أعطي خلّة ... ها أنت يا مختار صرت حبيبنا
أو كان يوسف بالجمال منحته ... ها أنت يا مختار أجمل خلقنا «2»
وحتى المغاربة الذين اتسم مدحهم النبوي بالاعتدال. وبعده عن التلوّن العقائدي، وصلت الحقيقة المحمدية إلى مدحهم الديني، فجعل ابن زمرّك [3] رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علّة الوجود وسرّه، فقال:
وأنت لهذا الكون علّة كونه ... ولو لاك ما امتاز الوجود بأكوان
(1) ديوان الصفي الحلي: ص 84.
(2) ديوان الجعبري: ص 40. [3] ابن زمرّك: محمد بن يوسف، فقيه أديب، سعى في قتل لسان الدين بن الخطيب، وقتل بعد ذلك سنة (795 هـ) . المقري: نفخ الطيب 7/ 162.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 252