اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 158
أو خليل أو رحيل أو ربى ... أو رياض أو غياض أو حمى
أو نساء كاعبات نهّد ... طالعات كشموس أو دمى
كلّما أذكره ممّا جرى ... ذكره أو مثله أن يفهما
منه أسرار وأنوار جلت ... أو علت جاء بها ربّ السّما
فاصرف الخاطر عن ظاهرها ... واطلب الباطن حتّى تعلما «1»
وعلى هذا النحو سار شعر المتصوفة في رمزية، يتفاوت فيها الشعراء، منها ما يظهر للمطلع عند إمعان النظر فيها، ومنها ما لا يظهر إلا للراسخين في العلم، وقليل هم، وعلى هذا النهج كان ذكرهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومدحه، فلا تتضح معاني المديح إلا بصعوبة، ويلفها الغموض، ويحجبها الرمز، وتجنح في معظمها إلى الغيبيات، مثل قول ابن عربي:
دثّروني زمّلوني قول من ... خصّه الرّحمن بالعلم الحسن
حين جلّى الرّوح بالأفق له ... وهو في غار حراء قد سجن
نفسه فيه لأمر جاءه ... في غيابات الفؤاد المستكن
لتجلّ قام في خاطره ... صورة مجموعة من كلّ فن
كلّما أحضره في خلدي ... حنّ قلبي لتجلّيه وأنّ
فلذا يقلقني سهده ... ولذا أزهد في دندن دن «2»
والملاحظ أن قصيدة ابن عربي هذه في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استغرقت الحديث عن لحظة
(1) ابن عربي: ترجمان الأشواق ص 10.
(2) ابن عربي: الفتوحات الملكية 3/ 46.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 158