اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 182
وإلى جانب الربا كانت المضاربات وبيع البضائع المتوهمة أو البضائع التي لم تصل مكة بعد؛ فلطالما باعوا البضائع قبل وصولها من اليمن أو الشام، وباعوا المحاصيل قبل حلول يوم الحصاد بوقت طويل، فأفلست بيوتات واغتنت أخرى بين عشية وضحاها، ونحا صغار التجار نحو كبارهم في المضاربات فيما بينهم، ولطالما عملوا على غش البدو السذج؛ فاحتقر البدوي الحضريَّ لهذه الصفة، وقد قال أهل البادية: إن قريشًا تصغير قرش وهو سمك القرش المفترس يعبرون بذلك عن افتراسها لغيرها[1]. وعلى الرغم من ذلك فقد كانوا مجبرين على أن يتعاملوا مع القرشيين لبيع إبلهم وأغنامهم وأصوافهم وحاصلاتهم من البادية[2]. [1] البخاري [3]/ 60. [2] نفسه [3]/ 71-72، بوهلي 36- 38. النقد:
كان النقد المتداول هو الدينار والدرهم. والدينار عملة ذهبية والدرهم عملة فضية، وكان التعامل بهما دارجًا في الشام والعراق ومصر. وقد عرفهما أهل الحجاز وتعاملوا[1] بهما، وكان أهل مكة يملكون ثروة كبيرة من هذه العملة[2]. ولم يكن هذان النقدان حجازيين، ولم يضربا في الحجاز اقتباسًا من الفرس والروم؛ فإنه لم يكن في الحجاز دولة لها سكة خاصة؛ وإنما كان المتعامل به هو الدينار والدرهم الأجنبيين، ولعل في هذا دلالة على صلة الحجازيين بعامة ومكة بخاصة بجيرانهم من الروم والفرس صلة تجارية كبيرة، وليس لدينا ما يثبت أن أهل مكة أو أهل الحجاز كانوا يستصنعون لحسابهم في دور الضرب العراقية أو الشامية الدراهم أو الدنانير.
وبلاد العرب كانت تنتج معدن الذهب والفضة، وكانت غنية بهما في العصور القديمة. وقد كان يجري التعامل بهما وزنًا[2]، كما ذكر مرارًا في القرآن في معرض [1] انظر كلًّا من سورة آل عمران 75، يوسف 20، التوبة 34، الواقدي 22. [2] ابن هشام 1/ 240. [3] ابن هشام1/ 240.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 182