اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 181
عبد الله بن جدعان التيمي والوليد بن المغيرة المخزومي من أثرياء مكة، وكان الأول يشرب في كأس من الذهب حتى سمي حاسي الذهب، وقد اشتهر بنو مخزوم بالثروة والمال حتى كان أحدهم -وهو عبد الله بن أبي ربيعة- يلقب بعدل قريش، وقد كان تاجرًا موسرًا، وكان متجره إلى اليمن[1]. كما كفن أحد الموتى وهو عبد المطلب بن هاشم في حُلل ألف مثقال من الذهب، وطرح عليه المسك حتى ستره. [1] الأغاني [1]/ 64.
الربا:
كان الربا مظهرًا من مظاهر الحركة الاقتصادية والتجارية، وكان أهل مكة -كما كان أهل الحجاز واليهود- يعولون عليه كثيرًا في تنمية ثرواتهم، وكان الربا أحيانًا يبلغ أضعاف القرض نفسه[1]، فتؤكل بذلك أموال المدين وتذهب حقوق الأفراد. وفي القرآن آيات كثيرة يستلهم منها أن الربا كان راسخًا رسوخًا شديدًا، وأنه كان جزءًا من الحياة الاقتصادية وبخاصة عند التجار وأهل المدن، وإذا كانت معظم الآيات التي نزلت بشأن الربا نزلت بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب وقيام الدولة الإسلامية بها[2]؛ إلا أن بعضها نزل بمكة أو بعد فتحها[3] مما يدل على أنها كانت موجهة إلى المكيين، وأن الربا كان أمرًا شائعًا عامًّا[4]. وقد أعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع سنة 10 هـ إسقاط ربا عمه العباس وكان من أغنياء مكة وتجارها، وتحمل آيتان من سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة] إنذارًا شديدًا لمن يزاولون الربا، مما يدل على رسوخ قدم الربا، وعلى أنه كان يشغل حيزًا كبيرًا من حياة المدن الحجازية الاقتصادية، وأنه لم يكن من السهل القضاء عليه، مما استلزم قوة الإنذار وإعلان الحرب من الله ورسوله. [1] اليعقوبي 2/ 10. [2] انظر سورة ِآل عمران 130، النساء 160- 161. [3] انظر سورة الروم 39. [4] انظر سورة البقرة 275، 278- 279، ابن هشام 2/ 12.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 181