responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 167
وكان من الضروري أن تفرض هدنة يوقف فيها القتال ويأمن الناس فيها على أنفسهم, وتتاح لهم فيها فرصة الانتقال والاجتماع والتعارف للمتاجرة والمعاملة والتبادل الأدبي والمادي، وحل المشكلات المعقدة التي تحتاج إلى أمن واطمئنان لحلها. وقد بدأت حركة تجمع وترابط بين القبائل قبيل الإسلام، وبدأت تتكون المجموعات الكبرى. وهذا التحالف بين القبائل نوع من التعبير عن إحساس القبائل بأنها لا تستطيع أن تعيش في مجالها الضيق، وأنها محتاجة إلى غيرها من القبائل؛ تتحالف معها وتؤاخيها وتربط مصيرها بمصيرها، وكذلك سئم العرب الحروب القبلية، وكانت هدنة الأشهر الحرم استجابة لهذه الرغبة التي بدت بين القبائل. وحالة الهدنة تقتضي تقليل فرصة القتال والتشاحن, وبالتالي إيجاد فرصة أوسع للتآلف والتجمع, وكلما ازدادت هذه الفرصة كان ذلك في مصلحة المجتمع العربي. والراجح أن بدعة النسيء التي ابتدعها العرب كانت لهذا الغرض وهو تطويل مدة السلام[1]، فإذا لاحظنا أن في أسماء الشهور العربية ما يوحي بأنها وضعت في وقت معين، فمثلًا رمضان أخذ اسمه من الرمضاء[2] وهي الحجارة الحامية من حر الشمس، كان معنى ذلك أنه كان في الصيف, وأن شهري ربيع الأول والثاني ما يوحي بأنهما كانا من أشهر الربيع. وبلاد العرب بلاد حارة يصعب فيها الانتقال والقتال في أشهر الصيف [3]، فإذا

[1] انظر السهيلي 1/ 42 وهو يقدر المدة التي بدأ فيها النساء بحوالي 70 سنة قبل ظهور الإسلام -المسعودي: مروج الذهب 7/ 205.
[2] المصباح مادة رم ض، ص 325, وروزة ص 213.
[3] التوبة 81- 82 "وقالوا لا تنفروا في الحر". انظر ابن هشام 4/ 969، وما بعدها ابن سعد 3/ 218 عن غزوة تبوك وما لقي المسلمون فيها من شدة بسبب الحر وكيف تخلف بعضهم عن القتال وكيف تردد الناس, البتنوني: الرحلة الحجازية 197 "والعرب كانت تنسيء الشهور حتى توافق بين السنين القمرية والشمسية فكانوا يؤخرون سنتهم كل ثلاث سنين شهرًا، وكان السبب في ذلك جعل زمن الحج ثابتًا في فصل من فصول السنة كأحد الربيعين حتى يتيسر لهم القيام به في غير وقت الحر والبرد الشديدين، وخصوصًا في الزمن الذي تتوفر فيه مادتهم التي يتجرون بها من أصواف وأوبار وسمن ودهن. وهذا كله لا يتوفر على الدوام في شهر مخصوص من السنة القمرية" ومما يسند هذا الرأي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال حين حرم بدعة النسيء: "إن الزمان قد استدار كهيئته" وكان ذلك سنة 10 هـ , وفيها كانت شهور الحج أشهر الربيع "انظر التوفيقات الإلهامية سنة 10هـ".
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست