responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 164
رجب، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم[1] والأشهر الثلاثة الأخيرة هي أشهر الحج -على الأقل فيما قبل الإسلام- أما شهر رجب فإنه كان يسمى رجب مضر، وهو الذي تسميه مضر الأصم[2] وأنه مشتق من الترجيب أي التعظيم. وقد جاء في طبقات ابن سعد أن أهل مكة كانوا يحتفلون بعيد ديني لهم في رجب، فلا يبعد أن يكون هذا العيد في شهر رجب عيدًا خاصًّا بقبائل مضر أو قبائل الحجاز أو بعضها، وأن يكون هذا أصل حرمته؛ ليتمكنوا من الذهاب والإياب والقيام بمناسكهم في ظل هدنة دينية مقدسة. ولكن ما لبث رجب -في وقت لا يمكن تحديده- أن صار جزءًا لا يتجزأ من الأشهر الحرام3، وقد ذكرتها الآيات دون تفريق بينها في الحرمة والشمول، وأشارت إلى أربعة أشهر من أشهر السنة بصفة مطلقة وتعميمية، وقد كانت بلاد الحجاز قد صارت مهوى أفئدة العرب ومركز محورهم ومحجهم.
وللأشهر الحرم أهيمة كبيرة فرضتها ضرورة البيئة العربية وبخاصة في الحجاز, حيث لم يكن هناك سلطان نافذ وازع، وكانت الغارات بين القبائل متواصلة متبادلة والعصبية على أنواع قوية شديدة، والأنفة والحمية متأصلتين، ولهم في ذات الوقت حاجات كثيرة: تجارة لا بد لها من مشترين ومستهلكين وزراع لا بد لهم من المبادلة على غلاتهم وثمارهم، وأعراب لا بد لهم من استيفاء حاجاتهم السنوية من ماعون وثياب وقوت، ولا بد لهم من بيع ما عندهم من أنعام وماشية وشعر ووبر وصوف، فماذا تكون حالتهم لو لم يكن هناك وقت يستطيعون فيه التحرك والاتصال والتبادل مطمئنين آمنين؟! وماذا تكون حالهم لو لم يتيسر لهم إقامة أسواقهم العامة وشهودها في ظل الأمن وعدم الخوف؟! من أجل ذلك كانت قيمة هذه الهدنة التي فرضتها الأشهر الحرم عظيمة الأهمية، عبر عنها القرآن الكريم هذا التعبير البليغ الموجز: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة] ، ومن أجل ذلك أسبغ العرب على هذه الهدنة صفة قدسية وصبغوها بصبغة دينية، وكانوا

[1] البخاري 6/ 66. تفسير الطبري 4/ 299. ابن سعد 3/ 27. السهيلي 2/ 60. اليعقوبي 2/ 91. ابن كثير 5/ 195. المقريزي: إمتاع 1/ 531. المصباح 1/ 191.
[2] تفسير الطبري 4/ 229. الخازن 2/ 230.
4 دروزة: عصر النبي 210- 211.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست