responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 305
وقد نعى القران الكريم على هذا الصنف الجزوع موقفه في معركة الأحزاب فقال:
قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (17) [الأحزاب] .
وعند ما حاولت قريش اقتحام الخندق، وعند ما حاولت احتلال موقع النبي صلى الله عليه وسلم وعند ما عجمت عود المرابطين تبحث عن نقطة رخوة؛ لتثب منها إلى قلب المدينة، كان أولئك المؤمنون الراسخون سراعا إلى داعي الفداء، يجيئون من كل صوب، ليستيقن العدوّ أنّ دون مرامه الأهوال.
روى ابن إسحاق أنّ عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكان من أحرز حصون المدينة، وكانت أمّ سعد بن معاذ معها في الحصن. قالت عائشة: وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب.
فمرّ (سعد) وعليه درع مقلصة خرجت منها ذراعه كلها، وفي يده حربته يرقل بها ويقول:
لبّث قليلا يشهد الهيجا حمل [1] ... لا بأس بالموت إذا حان الأجل
فقالت له أمه: الحق يا بنيّ فقد- والله- أخرت..
فقالت عائشة: فقلت لها: يا أم سعد! والله لوددت أنّ درع سعد كانت أسبغ مما هي. قالت: وخفت عليه حيث أصاب السهم منه، فرمي سعد بن معاذ بسهم قطع منه الأكحل.
ويظهر أنّ جراحة (سعد) كانت شديدة، وليس سعد بالرجل الذي يهاب المنايا، ولكنّه عميق الرغبة في متابعة الجهاد، حتى يستقرّ أمر الإسلام وتنكس راية خصومه. فدعا الله قائلا: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنّه لا قوم أحبّ إلي أن أجاهداهم من قوم اذوا رسولك، وكذّبوه وأخرجوه، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة.

[1] أراد به حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن عليم بن جناب الكلبي، كما في (الروض الأنف) ، والبعض يصحّفها (جمل) بالجيم، وهو غلط.
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست