اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 51
وإبطال الباطل وأطلق عليه عليه الصلاة والسلام لأنه يهتدي به من الظلمات إلى النور (وَكِتابٌ مُبِينٌ [المائدة: 15] بين الإعجاز ومبين الاحكام بالإيجاز وهذا شاهد للمدعي الأول وبيانه أن الأصل في العطف المغايرة وقد حاول بعض المفسرين بأنه من باب الجمع بين الوصفين باعتبار تغايرهما اللفظي وأن المراد بهما القرآن وقد يقال في مقابلهم وأي مانع من أن يجعل النعتان للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه نور عظيم لكمال ظهوره بين الأنوار وكتاب مبين حيث إنه جامع لجميع الاسرار ومظهر للأحكام والأحوال والأخبار (وقال) أي الله سبحانه مخاطبا له صلى الله تعالى عليه وسلم: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) أي على من بعثك إليهم بتصديقهم وتكذيبهم أو شاهدا على جميع الشهداء من الأنبياء كما يستفاد من قَوْلُهُ تَعَالَى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وهو وما بعده أحوال مقدرة مخبرة بحيازته جميع الجهات المعتبرة (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي منذرا ولعل وجه العدول رعاية الفواصل أو تفنن العبارة في المحل القابل فهو بشير ونذير ومبشر ومنذر للمطيعين بالجنة والوصلة وللعاصين بالحرقة والفرقة (وَداعِياً) أي جميع الخلق (إِلَى اللَّهِ) أي إلى دينه وحبه ومقام قربه (بِإِذْنِهِ) أي بأمره وتيسيره (وَسِراجاً مُنِيراً [الأحزاب: 45، 46] ) يميز بين الحق والباطل في المعتقدات وبين الحلال والحرام في المعاملات وبين محاسن الاخلاق ومساويها في الرياضات فهو الداعي بالشريعة والطريقة والحقيقة إلى المراتب الحقية والدرجات العلية عليه أفضل الصلاة وأكمل التحية.
(ومن هذا) أي الباب أو النوع أو القبيل (قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح: 1] إلى آخر السّورة) استفهام أفاد انكار نفي الشرح مبالغة في اثباته إذ انكار النفي نفي له ونفي النفي إثبات أي قد شرحناه لك ومن ثم عطف عليه قوله وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ إشارة إلى المبنى ورعاية للمعنى ومعنى قوله. (شرح: وسّع) بالتشديد، (والمراد بالصّدر هنا: القلب) لأن الصدر غير قابل للتضييق والتوسيع أي وسع قلبه لتجليات ربه وتنزلات حكمه بعد ما كان يضيق صدره لما ينعكس عليه من غبار غيره لقوله تَعَالَى وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ أي فينا أو في القرآن أو فيك ثم قال تعالى كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ فهذا نهي تكوين كما أن قوله تعالى لكِنْ أمر تكوين فيكون المأمور ولا يكون المنهي وبه ينتفي التلوين ويتحقق التمكين المعبر عنه بمرتبة جمع الجمع بين مناجاة الحق ومفاداة الخلق بحيث لا تحجبه الكثرة عن الوحدة ولا عكسه. (قال ابن عبّاس رضي الله عنهما) أي كما رواه أبن أبي حاتم عن عكرمة وابن مردويه وابن المنذر في تفسيرهما عنه أنه قال: (شرحه بنور الإسلام) وفي نسخة بالإسلام وفي أخرى بالإيمان والمعاني متقاربة البيان أي فسح قلبه ووسعه بسبب نور الانقياد وتفويض الأمر إلى المريد المراد العالم بالعباد والعباد في جميع البلاد وفيه إيماء إلى قوله تعالى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ، (وقال سهل: بنور الرّسالة) أي شرحه به خصوصا
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 51