اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 52
فلا ينافي ما تقدم عموما. (وقال الحسن) أي الحسن البصري وهو من أفاضل التابعين ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه تعالى ومات بالبصرة سنة عشر ومائة وهو ابن ثمان وثمانين سنة وكانت أمه خادمة أم سلمة رضي الله تعالى عنها من أمهات المؤمنين فكان إذا بكى في صغره جعلت ثديها في فمه فأصاب لذلك بركة عظيمة حتى صار عالما زاهدا يضرب به المثل في كمال العلم والعمل أخرج له الجماعة في الكتب الستة: (ملأه) بالهمزة أي ملأ قلبه (حكما) أي ما يحكم من الأحكام (وعلما) أي بجميع ضروريات الانام وفي نسخة بكسر الحاء وفتح الكاف جمع الحكمة فلعله أراد بها السنة وبالعلم ما يتعلق بالكتاب من جهة دلالة المعنى وقراءة المبنى، (وقيل معناه: ألم نطهّر قلبك) من الاستئناس بالناس (حتّى لا يؤذيك) وفي نسخة لا يقبل (الوسواس) أي لا يشوش عليك الموسوسون من الإنس والشياطين حالة الحضور في حضرة العيان وهو أتم وأعم من تفسير بعضهم الوسواس بالشيطان والحاصل أن الهمزة للتقرير في البيان والمعنى قد طهرنا لك صدرك ولذا عطف عليه قوله (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) أي إثمك وأصله ما يحمل على الظهر ولذا قال (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح: 8- 9] ) أي أثقله حتى ظهر نقيضه ونقيض الظهر صوته.
(وقيل) أي في المراد من قوله وزرك (ما سلف من ذنبك) يعني من التقصيرات أو الهفوات والغفلات (يعني) أي يريد صاحب القيل بهذا القول (قبل النّبوّة) لأنه كان بعدها في مرتبة العصمة، (وقيل أراد) أي الله تعالى به (ثقل أيّام الجاهليّة) وهو بكسر المثلثة وفتح القاف ضد الخفة ويجوز تسكينها تخفيفا وهو لا ينافي أن الثقل بالكسر والسكون واحد الأثقال لأنه لا شك أن المراد به نوع من أثقال الأحمال وهو الواقع في ازمنة الجاهلية من أصحاب الفترة قبل ظهور نور الدولة الإسلامية وقبل إعلاء أعلام العلوم الدينية ولعل فيه إيماء إلى قوله تعالى مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ أي تفاصيل ما يتعلق به على وجه الإيقان ومنه قوله تعالى وَوَجَدَكَ ضَالًّا أي جاهلا عن كمال المعرفة فهدى أي فهداك هداية كاملة وهدى بك جميع الأمة وأما الثقل بفتحتين بمعنى متاع المسافر فلا يبعد أن يكون مرادا هنا إشعارا بأنه صلى الله عليه وسلم حال سلوكه وسيره كان حاملا لأمور ثقيلة على ظهره فرفعها الله تعالى عنه حتى تمكن في مقام تفويضه وتسليم أمره، (وَقِيلَ أَرَادَ مَا أَثْقَلَ ظَهْرَهُ مِنَ الرِّسَالَةِ) أي من أعبائها فإنه من باب التوجه من الحق إلى الخلق وهو مستثقل عند أرباب الولاية إلا بعد حصول مرتبة جمع الجمع الذي يزيل تفرقة بالكلية بحيث لا تشغله الكثرة عن الوحدة ولا الوحدة عن الكثرة (حتّى بلّغها) بتشديد اللام أي حتى بلغ الرسالة بعد ما بلغ تلك الحالة، (حكاه الماورديّ) من علماء الظاهر وهو ممن تفقه على أبي حامد الاسفراييني وصنف في الفقه والتفسير والأصول توفي سنة خمسين وأربعمائة وهو أبو الحسن بن علي بن حبيب الشافعي (والسّلميّ) من علماء الباطن وهو أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن حبيب الكوفي سمع عليا وأبا موسى وغيرهما توفي في زمن بشر بن مروان
اسم الکتاب : شرح الشفا المؤلف : القاري، الملا على الجزء : 1 صفحة : 52