وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عفريتاً من الجن جعل يفتك [1] علىَّ البارحة ليقطع على الصلاة. وإن الله أمكننى منه فذعته [2] . فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سوارى المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون، أو كلكم، ثم ذكرت قول أخى سليمان: رب اغفر لى وهب لى ملكاً لا ينبغى لأحد من بعدى. فرده الله خاسئاً" [3] .
وعن أبى الدرداء رضى الله عنه [4] قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسمعناه يقول: "أعوذ بالله منك" ثم قال: "ألعنك بلعنة الله" ثلاثاً. وبسط يده كأنه يتناول شيئاً. فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله! قد سمعناك تقول فى الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك. ورأيناك بسطت يدك. قال: "إن عدو الله، إبليس، جاء بشهاب من نار، ليجعله فى وجهى، فقلت: أعوذ بالله منك. ثلاث مرات. ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة. فلم يستأخر. ثلاث مرات. ثم أردت أخذه، والله! لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة" [5] .
(1) "يفتك) وفى رواية "يفلت" وهما صحيحان. والفتك: الأخذ فى غفلة وخديعة. [2] بذال معجمة، أى خنقته، وفى رواية صحيحة بدال مهملة، أى: دفعته دفعاً شديداً. [3] أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، باب جواز لعن الشيطان فى أثناء الصلاة والتعوذ منه؛ وجواز العمل القليل فيه 3/32، 33 رقم 541، والبخارى (بشرح فتح البارى) فى عدة أماكن منها كتاب الصلاة، باب الأسير أو الغريم يربط فى المسجد 1/660 رقم 461. [4] صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة 6/94 رقم 5865، ومشاهير علماء الأمصار ص64 رقم 322، وتجريد أسماء الصحابة 2/163، والاستيعاب 4/1646 رقم 2940. [5] أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، باب جواز لعن الشيطان 3/33 رقم 542.