responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 98
طالب إذن لقضت على حياته في وضح النهار. ولكن وا أسفا! إنّ باب ابي طالب أيضا ليوشك ان يوصد في وجهه. ولم يبق ثمة أية حماية أرضية تقية غضب عدوّه. ثم إن صحابته الخليق بهم ان يفتدوه بارواحهم العزيزة عليهم كانوا في بلد قصيّ من قارة افريقية. أفيعني هذا شيئا غير الهلاك المؤكد الوشيك؟ ولو قد غار قلب الرسول في صدره اذن لكان ذلك متفقا والسجية البشرية؛ ولو قد حسنّت له غريزة حفظ الذات ان يعقد مع خصومه تسوية، وبذلك ينقذ حياته ويشخص إلى مكان آخر يدعو فيه إلى الايمان بدينه، اذن لكان ذلك جدّ طبيعيّ.
ولكن هل يتطرّق مثل هذا النزوع، المبرّر بكل ما في الكلمة من معنى في ظل ملابسات حرجة بهذا المقدار، إلى فؤاد الرسول؟ لا، لم يتطرق اليه طيف من ذلك. فقد كان يعمر نفسه ايمان بالرعاية الالهية لا يتزعزع، فهو لا يتراجع بوصة واحدة عن اداء رسالته التي هي، في الحق، غاية حياته كلها وكينونته كلها. فما ان انطلقت الكلمات المذكورة آنفا من شفتي ابي طالب حتى أعلن في غير ما جعجعة البتّة:
«يا عمّ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته.» ولكن عينيه ما لبثتا ان اغرورقتا بالدمع- بعد ان رأى إلى الخيبة التي أوقعها موقفه في نفس عمه الذي نشّأه في حنان بالغ وبسط عليه حمايته مخاطرا بكل شيء- وانصرف بقلب محزون. ولم يكن أبو طالب قد تخلى عن شكل الديانة الموروثة عن الآباء والاجداد، ولكن خلق الرسول الرفيع كان قد فتنه كثيرا. فبعث في طلب الرسول على التوّ، وقال له مؤكدا: «اذهب [يا ابن اخي] فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء تكرهه أبدا!»
ولم يشكّ القرشيون، إلا قليلا، في أن أبا طالب سوف ينزل عند مطلبهم الموحّد. من أجل ذلك دهشوا دهشا بالغا عندما سمعوا

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست