بأغداق الهدايا الثمينة على رجالها. وهكذا وفّقا إلى إقناع رجال الدين بأن يصطنعوا نفوذهم لدى الملك لتيسير مهمّتهما، ثم اتخذا سبيلهما إلى بلاط النجاشي. وشرحا وجهة نظرهما القائلة بوجوب ردّ المهاجرين المسلمين إلى قومهم، اولئك المهاجرين الذين زعم السفيران انهم ابتدعوا دينا يتعارض مع ديانة العرب التقليدية ومع النصرانية سواء بسواء. عندئذ دعا النجاشي المسلمين إلى بلاطه، وسألهم أن يدلوا بردّهم ويدفعوا عن أنفسهم تهمة الهرطقة المنسوبة اليهم. فنهض أحدهم، جعفر بن ابي طالب، وخاطب النجاشيّ قائلا: «أيها الملك! كنّا قوما أهل جاهلية، نعبد الاصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الارحام، ونسيء الجوار، ويأكل القويّ منا الضعيف، فكنّا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والاوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات [وأمرنا ان نعبد الله ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدّقناه وآمنّا به، واتّبعناه على ما جاء به من عند الله، [فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئا، وحرّمنا ما حرّم علينا وأحللنا ما أحلّ لنا] فعدا علينا قومنا، فعذّبونا، وفتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الاوثان من عبادة الله [وأن نستحلّ ما كنا نستحلّ من الخبائث] . فلما قهرونا وظلمونا وضيّقوا علينا [وحالوا بيننا وبين ديننا] خرجنا إلى بلادك [واخترناك على من سواك] ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك.» وبعد ذلك تلا عليه جعفر