responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 269
الطرف عن الاساءة، مهما عظمت. ففي معركة أحد، عندما غادر الرماة الموقع الذي كان قد عيّنه لهم، مما أدّى إلى مصرع نفر من أصحابه الأثيرين عنده وإلى اصابته هو بأذى، لم يحلهم إلى مجلس حربيّ ولم يعاقبهم. بل انه لم يعنّفهم البتة. ولاولئك الذين فروا من ميدان القتال لم يقل أكثر من انهم ذهبوا إلى أبعد مما ينبغي بعض الشيء.
وسماحة الرسول نحو أعدائه يعز نظيرها في تاريخ العالم. فقد كان عبد الله بن أبيّ عدوا لدودا للاسلام، وكان ينفق أيامه ولياليه في وضع الخطط لايقاع الاذى بالدين الجديد، محرّضا المكيين واليهود تحريضا موصولا على سحق المسلمين. ومع ذلك فيوم توفي عبد الله دعا الرسول ربه ان يغفر له، بل لقد قدّم رداءه [إلى أهله] كي يكفّنوه به. والمكيون الذين أخضعوه وأصدقاءه، دائما وأبدا، لأشد التعذيب بربرية منحهم عفوا عاما. وفي امكان المرء ان يتخيل المعاملة التي كان يجدر بفاتح دنيويّ النزعة ان يعاملهم بها. ولكن صفح الرسول كان لا يعرف حدودا. فقد غفر لهم ثلاثة عشر عاما من الاضطهاد والتآمر. وكثيرا ما أطلق سراح الأسرى في سماحة بالغة، برغم ان عددهم بلغ في بعض الاحيان ستة آلاف أسير. وفي رواية عن عائشة انه لم ينتقم في أيما يوم من الايام من امرئ أساء اليه.
صحيح انه انزل العقوبة ببعض أعدائه في أحوال نادرة جدا، وفي فترات جدّ متباعدة. ولكن تلك الحالات كانت تنطوي كلها على خيانات بشعة قام بها أناس لم يعد الصفح يجدي في تقويمهم وإصلاحهم. والحق ان ترك أمثال هؤلاء المجرمين سالمين غانمين كان خليقا به أن يعني استحسان الاذى والتشجيع عليه. والرسول لم يلجأ إلى العقوبة قط في حيثما كان ثمة مجال لنجاح سياسة الصفح كرادع، إن لم نقل كأجراء إصلاحي. ولقد أسبغ عفوه على أتباع الاديان جميعا- يهود،

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست