سلطان عظيم على الجزيرة التي بايعت قريشا بالزعامة في شؤون الدين.
وكان الرسول، في الأيام الغابرة، كلما دعا قبيلة إلى الدخول في الاسلام أجيب بأن عليه أن يقنع قومه أولا. وهكذا ما إن تم فتح مكة ودخل أهلها في الدين زرافات زرافات حتى ترك ذلك في نفوس العرب قاطبة أثرا أعجوبيا. وإلى هذا، فقد شهدوا بأمّ العين كيف كتب النصر آخر الامر للرسول، وهو الذي جابه معارضة قريش وحيدا والذي نبذته القبائل كلها. لقد حصحص الحق، فكان من ثمرات ذلك ان شرع الناس ينضوون تحت راية الاسلام. ذلك هو السبب الذي انتشر من أجله الاسلام، خلال السنتين التاسعة والعاشرة للهجرة، في طول بلاد العرب وعرضها. وإنما استهلت هذه الفترة، فترة اعتناق الاسلام على نحو جماعيّ، في السنة التاسعة، عندما أعلنت القبائل واحدة بعد أخرى دخولها في الدين. وفي تلك السنة نفسها نظّم الرسول جمع الزكاة من مختلف القبائل المسلمة.
ونظّمت دائرة خاصة لهذا الغرض ووجّه جامعو الزكاة إلى مختلف المواطن. كانت الزكاة فرضا واجبا على كل مسلم. وإذ كانت الزكاة هي المورد الأساسي لبيت المال، أو الخزينة العامة، فقد اخضعت لسيطرة السلطة المركزية. وذات مرة وفد جامعو الزكاة على إحدى القبائل، وجمعوا قطيعا من الخراف والماشية، فأغارت عليه قبيلة مجاورة غير مسلمة، فاغتصبته. فلم يكن من عيينة [بن حصن] ، زعيم القبيلة المسلمة، إلا ان هاجم المغيرين، على سبيل الثأر، وأسر منهم خمسين شخصا.
وكان بنو تميم قد أسدوا عونا إلى الرسول في معركة حنين.
فأرسلوا وفدا إلى المدينة ليزوروا الرسول. وهنا دارت مفاخرة بين خطباء الفريقين وشعرائهما. ولكن بني تميم تعيّن عليهم ان يسلّموا بتفوق الخطيب والشاعر المسلمين، وكان الموضوع الوحيد هو، الآن،