responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 206
يكونوا، واخضاع سائرهم لعبودية كاملة. ولقد كانت هذه هي المعاملة التي عامل بها المنتصرون مغلوبيهم دائما وأبدا، وبالطريقة نفسها تعامل الشعوب المغلوبة، اليوم، في ظل أعرق الحكومات في المدينة. فقوية هي غريزة الانتقام في الطبيعة البشرية، وانها لنزاعة إلى الاستفحال والطغيان، وبخاصة حين يكون العدو تحت رحمة المرء المطلقة. عندئذ تتخطّى التخوم الاخلاقية كلها. ولكن قريشا كانت تؤمن ايمانا لا يتزعزع بما فطر عليه الرسول من طبيعة نبيلة رحيمة.
انهم لم يتوقعوا قط أن يلقوا على يديه أيما معاملة قاسية. ومن هنا لم يكد الرسول يسألهم: «يا معشر قريش، ما ترون اني فاعل بكم؟» حتى أجابوا: «خيرا، أخ كريم وابن اخ كريم!» . إنهم لم يكونوا غرباء عن كرم خلق الرسول. لقد كانوا على مثل اليقين من ان الشهامة، التي ميّزت شخصيته طوال اربعين سنة انقضت قبل جهره بالنبوّة، لم يتطرّق اليها أيما تغيير البتة. ولكن المعاملة التي أسبغها عليهم فاقت حتى ما كانوا يتوقعونه. لقد قال لهم: «لا تثريب عليكم اليوم.» يا لسموّ النفس! لقد أعفاهم حتى من اللوم على جرائمهم السوداء، بله العقوبة والقصاص. ليس هذا فحسب، بل إنه لم يطالبهم حتى بعهد يأخذونه على أنفسهم في ما يتصل بمسلكهم في المستقبل. وممتلكات المهاجرين المبعدين، التي كان المكيون قد استولوا عليها، لم تردّ اليهم. لقد طلب إلى المهاجرين أن يتنازلوا عن جميع حقوقهم السابقة. وحتى يوم دخل المسلمون مكة لم يتمالك عكرمة بن أبي جهل عن ايذائهم فهاجم سريّة خالد [بن الوليد] .
وإذ خشي العقوبة القاسية التي كان يعلم انه يستحقها فقد فرّ بنفسه حذر الموت. وفي حال من الأسى البالغ وفدت زوجته على الرسول، والتمست منه العفو عن زوجها. وإذ كانت رحمة الرسول لا تعرف حدودا فقد منح عكرمة، ذلك العدوّ اللدود، العفو أيضا. وأسبغ

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست