اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 420
جذبة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عنقه ثم قال: يا محمد، احمل لي على بعيري هذين من مال الله عندك فإنك لا تحمل لي من مالك ولا مال أبيك ... فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "المال مال الله وأنا عبده".. ثم قال: "ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي" قال: لا، قال: لم؟ قال لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك عليه السلام ثم أمر أن يُحمل له على بعير شعير وعلى الآخر تمر[1].
ولما أسر المسلمون ثمامة بن أثال الحنفي، وكان من عظماء بني حنيفة وجيء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامله أكرم معاملة وعرض عليه الإسلام فأبى، فأطلق سراحه وهو القادر حينئذ على أن يقتله أو ينكل به، ولما رأى ثمامة هذه المعاملة وهذه المكارم، وجد من العقل أن يفيء إلى الرشد، وألا يمعن في اتباع الهوى ويترك دينًا عماده المحامد، فرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد أشرق الحق في نفسه وخالطت بشاشة الإيمان قلبه. وخاطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: يا محمدُ، والله ما كان على الأرض من وجه أبغض علي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان على الأرض من دين أبغض إلي من دينك، فقد أصبح أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فقد أصبح أحب البلاد إلي[2]. [1] أخرج أبو داود 4775 في الأدب، والنسائي 8/ 33 من حديث أبي هريرة نحو هذه الواقعة، وفي سند الحديث ضعف.
لكن صح عند البخاري 5472 وغيره من حديث أنس قال:
كنت أمشي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ، فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أثرت بها الحاشية. من شدة جذبته، قال: يا محمدُ، مُر لي من مال الله الذي عندك.
فالتفت له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أمر له بعطاء. [2] صحيح البخاري 462، وسيرة ابن هشام 4/ 215، وأسد الغابة 1/ 282، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم 3/ 290، والإصابة لابن حجر 1/ 411 وغير ذلك.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 420