اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 419
عز وجل في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [1].
أجل لقد أدَّب الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- فأحسن تأديبه، ومنحه من كمال الخلق وجميل الصفات ما لم يمنحه لأحد من العالمين. وأمره بأن يكون رمزًا للخير والبر فقال له: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [2].
وقال له في آية أخرى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [3].
وقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [4].
وقد تواترت الأخبار على حسن امتثال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أمره الله به من هذه الصفات الكريمة ... فما من حليم إلا عُرِفت له بعض الزلات والهفوات ولكن النبي محمدا صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يزداد على كثرة الإيذاء إلا صبرًا وحلمًا.
قالت عائشة رضي الله عنها: ما خُيِّر عليه السلام في أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا. فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله[5]. ولما فعل المشركون به ما فعلوا في يوم أحد قال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"[6]. وفيما يروى عن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابي بردائه [1] سورة نون، الآية 5. [2] سورة الأعراف، الآية 199. [3] سورة الأحقاف، الآية 35. [4] سورة النحل، الآية 127. [5] أخرج الحديث البخاري 3367، ومسلم 2327، ومالك في الموطأ 903، وأبو داود 4785 وغيرهم [6] كما صح ذلك ومضى في مصادر غزوة أحد.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 419