اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي الجزء : 1 صفحة : 395
الخلق وتعبدهم بتصديق الرسل, وأن يكون إيمانهم عن نظر وفكر في الأدلة, فيقع الثواب على حسب ذلك، ولو كشف الغطاء وحصل لهم العلم الضروري بطلت الحكمة التي من أجلها يكون الثواب والعقاب, إذ لا يؤجر الإنسان على ما ليس من كسبه كما لا يؤجر على ما خلق فيه من لون وشعر ونحو ذلك، وإنما أعطاهم من الدليل ما يقتضي النظر فيه العلم الكسبي, وذلك لا يحصل إلا بفعل من أفعال القلب، وهو النظر والدليل وفي وجه دلالة المعجزة على صدق الرسول، وإلا فقد كان قادرا سبحانه أن يأمرهم بكلام يسمعونه ويغنيهم عن إرسال الرسل إليهم، ولكنه سبحانه قسم الأمر بين الدارين, فجعل الأمر يعلم في الدنيا بنظر واستدلال وتفكر واعتبار؛ لأنها دار تعبد واختيار، وجعل الأمر يعلم في الآخرة بمعاونة واضطرار[1].
يقول صاحب الحلبية:
وإذا كانت الحجج والبراهين لم تفدهم شيئا من الهدى, فطلب الهدى منهم بتلك الحجج تعب لا يفيد شيئا، وإذا ضلت العقول عن طريق الحق مع علم منها بتلك الطرق, فأي قول يقوله العظماء[2].
وقد جاءت هذه الآيات في سورة الإسراء بعد قوله تعالى:
{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} . [1] الروض الأنف ج3 ص152. [2] الحلبية ج1 ص347.
اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي الجزء : 1 صفحة : 395