responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 96
بحسب ما "يعتقد" الناس أنه الحق. أو بحسب ما تجرفهم إليه الشهوات والأهواء.
وليست "الأطوار" التي يرسمها التفسير المادي للتاريخ إلا أطوار الحضارة المادية في الأرض. ولكنها ليست أطوال التاريخ، ولا أطوار الإنسان. فقد كان الإنسان مهتديًا في كل عصر من عصور التاريخ، وكان ضالًّا في كل عصر من عصور التاريخ، فلم يقيده شيء من الأطوارل المادية بهدى أو ضلال. ولم يرسم له التقدم المادي طريقًا معينة يتحتم عليه المسير فيها، ولا كانت لهذا التقديم في ذاته دلالة معينة في خط سير البشرية. وأوضح الأمثلة على ذلك هذا العصر الذي نعيش فيه. العصر الذي وصل فيه التقدم العلمي والمادي إلى ذروته، ووصلت الإنسانية إلى حضيضها من التقاتل الوحشي والتخاصم الذي يقطع أواصر الإنسانية ويجعلها تعيش في رعب دائم وخوف من الدمار، كما وصلت إلى الحضيض في تصورها لأهداف الحياة وغاية الوجود الإنساني وحصرها في اللذة والمتاع، وانحطاطها -تبعًا لهذا التصور- إلى أحط دركات الانحلال الخلقي والفوضى الجنسية التي يعف عنها الحيوان1!
والإسلام يوجه القلب البشري أن يفتح بصيرته على عوامل التطور الحقيقية في المجتمعات، ويستخدم طاقته الواعية في تدبرها والبحث في أسبابها ونتائجها، بما يعرض عليه من الأمثلة التاريخية المتعددة التي تحققت فيها سنة الله الخالدة: سنة التمكين للمؤمنين -حين يؤمنون الإيمان الحق- والتدمير على الكافرين ولو استكبروا بباطلهم بعض الوقت وعتوا في الأرض مفسدين. سنة دائمة لا تتغير. النصر للإيمان. والخذلان للكفر. وإن بدا في لحظة من اللحظات أن الواقع هو النقيض!
إن القرآن يوجه القلوب والعقول ألا تستعجل النتائج. فهي لا بد آتية حسب السنة الماضية التي لا تتبدل. وأعمار الأفراد ليست هي المقياس. والجولة العارضة ليست هي الجولة الأخيرة. قد ينتصر الباطل فترة من الوقت ويزدهر ويتمكن ويعلو في الأرض. ولكن هذا ليس نهاية القول ولا نهاية المطاف. إنه جزء من سنة الله المتشعبة الجوانب. قد يكون لأن الناس ضعفوا واستكانوا ولم يطلبوا

1 انظر "معركة التقاليد".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست