اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 95
يتبعه الفساد والضعف والانحلال والفناء، ولو ظل الباطل يقاوم ويعاند، ولو ظل متماسكًا فترة من الوقت يبهر الأنظار.
وليس للبشرية في تاريخها كله سوى أحد هذين الطورين المتغايرين.. مهما بدا في الظاهر من "تطور"، وتغير، وانتقال.
ليست العبرة بالقوة المادية: {كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} .
ليست بإثارة الأرض واستغلال مواردها. ليست بالتمكين المادي: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} . ليست بتغير وسائل الإنتاج. ليست بأي شيء يقع خارج النفس. إنما العبرة بالنفس من داخلها. مهتدية أم غير مهتدية. مستغلة لقوى الأرض المادية في سبيل الخير أم في سبيل الشر.
إن التفسير المادي للتاريخ ليبدو في نظر الإسلام -وكذلك في الواقع- قزمًا ضئيلًا يمسك في يده مفتاحًا كلعب الأطفال يحاول به أن يفتح الباب الضخم.. باب التاريخ! إنه يغفل الحقائق الكبرى ويهتم -كالأطفال- بالبريق الظاهر، ويقصر همه على ظواهر الأشياء.
إنه يغفل حقيقة بديهية هي أن وسائل الإنتاج المادي لم تكن قط هي المقرر لوقائع التاريخ. إنما طريقة استخدام وسائل الإنتاج، والروح التي تستخدم بها، هي التي تقرر وقائع التاريخ!
في عهد "الزراعة" وجد الإقطاع في أوربا ولم يوجد الإقطاع في الإسلام. لأنه لم تكن في أوربا عقيدة هادية في توزيع المال على الناس. وكانت في الإسلام عقيدة هادية تأمر بتوزيع المال على الجميع {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [1] فلم يوجد قط الفلاح المستعبد للأرض، الذي يباع معها ويمتلك معها، ولا يستطيع مغادرتها وإلا أمسك به القانون ورده لصاحبه يفعل فيه ما يشاء!
في عهد "الصناعة" وجدت الرأسمالية والشيوعية متجاورتين في الأرض، وكل منهما له طريقته في التوزيع!
وفي كل عهد يمكن أن يستخدم الشيء الواحد ذات اليمين وذات الشمال، [1] سورة الحشر 7.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 95