اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 70
النفس من مجاهدة "الواقع" المادي والواقع الحسي، والذي يصيبها من الكدح الذي لا بد للإنسان منه لكي يعيش.
هذا التوتر- الذي ينشأ طبيعيًّا من عملية الكدح- هو حصيلة خطرة. إنه كالسموم التي تنشأ في داخل الجسم من عملية الطعام. لا بد أن تطرد. لا بد لها من مزيل.
وإذا كان الجسم يتخلص من سمومه بطريقة ما، ويمرض إذا تراكمت السموم داخله. فإن النفس كذلك ينبغي لها أن تطرد سمومها. وليس شيء يزيل سموم النفس كما يزيلها الحب. ذلك الروح العلوي الشفيف الذي تتمثل فيه عظمة الإنسان؛ تتمثل فيه نفخة الروح التي نفخها الله في قبضة الطين.
الحب على نطاقه الواسع. الحب لكل شيء ولكل موجود.
وهذا الذي يصنعه الإسلام، ويصنعه القرآن.
والحب كذلك للناس ... حتى والإنسان يصارع فيهم الشر ويصيبه منهم الأذى في الطريق!
إن العبادة الدائمة لله، والحياة الدائمة في كنفه، والتطلع الدائم إلى رضاه،.. تحدث هذا الشعور الوثيق بالحب لبني الإنسان.
الناس كلهم من خلق الله. إخوة في الخليقة.
والناس كلهم من طين الأرض. إخوة في المنشأ.
والناس كلهم صائرون إلى الله. إخوة في المصير.
والناس كلهم في نفس واحدة. إخوة في الإنسانية.
والناس كلهم، أو ينبغي لهم، أن يعبدوا الله ويلتقوا في حماه، إخوة في الاتجاه.
ومن هنا ينشأ الحب للإنسانية، والصلة بين بني الإنسان. ويروح الإسلام يغذيه بكل توجيهاته وكل تطبيقاته حتى يصبح جزءًا من العقيدة حيًّا ممتزجا بالكيان.
وحين يكون هذا هو المبدأ؛ حين تكون هذه هي الركيزة الموجودة في باطن النفس، فإن صراع الشر في الناس يكون هو الحالة الطارئة التي لا تلبث أن تزول. ويصير السلام هو الأصل في الحياة، والحرب هي الشذوذ.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 70