اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 69
{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [1].
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [2].
وهكذا ... وهكذا مما يربط وشائج القربى بين النفس والكون. ويعمق الإحساس بما بينهما من اتصال.
والفنون كما قلنا مرة تعالج هذا الأمر. ولكنها لا تصل به إلى هدفه. إن الاستمتاع بجمال الكون جزء أصيل من العقيدة الإسلامية. جزء مقصود، لما يحدث في النفس من رحابة أفق وسعة تصور وعمق وإدراك. ولكنه ينبغي أن يصل إلى غايته. يصل إلى الإحساس بالله. فيلتقي الفن بالعقيدة، والمتعة الحسية بالمتعة الروحية، وتصفو سريرة الإنسان بهذه السعة التي يحسها والشمول الذي يقدر عليه، فيصبح إنسانًا صالحًا. صالحًا لأن الحواجز قد زالت من نفسه حين وسع أفقه واتصل بالله.
ومن ثمارها حب الحياة في جميع الأحياء.
فإذا أحس الإنسان بالوشيجة الحية بينه وبين الكون الجامد لظاهر العين، الحي في حساب الروح، فإنه من باب أولى سيحس بالوشيجة الحية بينه وبين الأحياء. التي يشعر بحياتها الحس والروح على السواء.
والحديث الدائم عن الأحياء في القرآن، ولفت النظر إليها، سواء في عالم النبات أو الحيوان، ينتج هذا الأثر في النفس، فتحس بصلة القربى وعمق الاتصال. وتولد في الإنسان حبًّا لكل كائن حي، حتى وهو يصارع ما يضره من هذه الأحياء!
إنه يصارعها ليدفع أذاها عن نفسه، ولكنه -فيما عدا هذا- يحس نحوها بالصداقة والود، ويهفو لها بالوئام والسلام.
وهذا الإحساس -كالإحساس بالصداقة مع الكون الواسع- يعمل عمله في تهذيب النفس، وتطرية خشونتها وإزالة جفوتها. فإن التعود على شعور الصداقة والحب -وهو شعور رخي ندي- يزيل التوتر الذي يصيب [1] سورة نوح 17-18. [2] سورة طه 55.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 69