اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 37
وليس معناها أن تستولي التقوى على قلبه في السجود والركوع، فإذا ختم صلاته هبت في داخل نفسه نوازع الطمع والجشع والعدوان. أو تخاذل عن القيام بالأمانة. أو ضعف عن نصرة الحق. أو تواكل عن العمل المنتج في عالم الحس.
كلا! فما هو إذن موصول القلب بالله. إنه "متسكع" في "محطة العبادة" ولكنه لا يسير في الطريق.
والعبادة هي السير في الطريق، مع الترود بين الحين والحين؛ السير في الطريق والقلب يحمل الشحنة الحية الواصلة، التي تدفع للعمل.. تدفع دائمًا إلى الإمام.
والإسلام يحرص حرصًا شديدًا على هذه الشحنة الحية التي تعبئ القلب، فتكون الهادي له في الطريق. تهديه وهو في خلوته يفكر ويشعر، وتهديه وهو قائم يعمل بيديه وجسمه، وتهديه وهو يلقى إخوته في البشرية ويتعامل معهم. تهديه وتضيء له كالقبس ظلمات الطريق فلا يتعثر. وإن تعثر لا يجثم في عثرته، وإنما ينفض عنه التراب ويقوم، ما دامت الشحنة حية تضيء.
والإسلام صريح في اعتبار العمل هو العبادة، ما دام القلب يتجه فيه إلى الله.
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [1].
هذا هو منهج العبادة الذي يرسمه الإسلام ويقيم عليه أسسه التربوية. ويشترط فيه الصدق مع الله، والتقوى لله، أي: الصلة الدائمة بالله.
وفيما يلي من الفصول بيان لطريقة الإسلام في ربط القلب البشري بالله. [1] سورة البقرة 177.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 37