responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 36
كل ذلك نعم!
ولكنه في حدود بريطانيا! في حدود القومية البريطانية!
فإذا انتقل هذا الرجل الإنجليزي قيد شعرة خارج الحدود البريطانية، خارج الوثن الذي ربي على عبادته، وقام منهج التربية كله على أساسه، فهنا يفجؤك منه شخص آخر لم تعهده من قبل! الأنانية البغيضة والجشع الكريه.
الغش والخداع والكذب والدسيسة، والغصب والسلب والنهب، وإيثار الصالح الخاص على كل قيم إنسانية أو صوت للضمير!
لماذا؟ هل تغير؟
كلا. وإنما هو ما يزال مخلصا للوثن الذي يتعبده؛ ولم يكن قط مخلصا "للإنسانية" لأنه لم يترب تربية إنسانية. ولم يكن قط مخلصًا لله، لأن قاعدة ترقيته لم تكن الاتصال الحقيقي بالله.
ذلك مثل يبين الفارق الحاسم بين منهج التربية الإسلامية ومناهج التربية غير الإسلامية، ويبين في الوقت ذاته لماذا يحرص الإسلام -كلمة الله إلى "الإنسان" عامة- على أن يقيم منهجه التربوي على أساس العبادة -بمعناها الشامل الواسع- وعلى أساس الصلة الدائمة بالله.
إنه لا ضمان للخير الحقيقي في هذه الأرض إلا بعقد الصلة الحية الواصلة بين القلب البشري والله. لا ضمان لإقامة الحق والعدل الأزليين إلا بالتقاء البشر كلهم عند خالقهم، ومن ثم استشعار الرابطة الإنسانية الحقيقية التي تربط الجميع.
وإذ يدرك الإسلام هذه الحقيقة فإنه يجعل العبادة هي القاعدة الكبرى، ويستمد منها نظام الحياة كله.
الفرد في خلوته. والناس في جمعهم. في وقت التعبد وفي وقت العمل. في وقت التعامل في تجارة أو صناعة أو سياسة أو حرب أو سلم. في وقت المودة وفي وقت الخصومة. في كل لحظة من هذه الحظات يربي الإسلام الفرد على أن تكون صلته بالله، وتعامله مع الله، وخشيته من الله، وحبه لله، ورجوعه إلى منهج الله.
وهذه هي العبادة في مفهوم الإسلام.
ليس معناها أن يتزهد الإنسان ويتنسك ويترهبن.

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست