اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 31
لينتفش بها وحده ويتضخم. أو يحق له أن يصنع كما يشتهي، يقرر حقوقه كما يتراءى له، ويقرر واجباته بنفسه -إذا رأى أن تكون عليه واجبات! - ولا يعنيه ترابط المجتمع ولا الخلل الذي يطرأ عليه حين يصنع كل فرد فيه ما يريد حينما يريد.
تلك نماذج من الإيجابية المختلة.
وفي مقابلها.. سلبية مريضة.
يكون الإنسان سلبيًا مع نفسه، فيطلق لها عنان الشهوات، لأنه لا يملك القوة الضابطة -القوة الموجبة- التي يضبط بها نوازع الشهوة.
ويكون سلبيًا مع غيره. سلبيًا إزاء القوى المادية والاقتصادية والاجتماعية. سلبيًا إزاء العرف والعادات والتقاليد. سلبيًا إزاء سطوة المجتمع أو جموده أو القوى المسيطرة عليه. ومن ثم يضيع كيانه الفردي وينسحق تحت ما يقع عليه من ضغوط.
كلاهما اختلال لا يليق بخليفة الله في الأرض!
وكلاهما اختلال ينشأ من سوء التربية وسوء التوجيه، ينشأ من التوقيع على بعض أوتار النفس دون بعضها الآخر. أو ينشأ من التوقيع على بعضها بالنغمة النشاز.
فحين يكون التوقيع على النزعة الفردية وحدها أو النزعة الجماعية..
أو حين يكون على الجانب المادي وحده أو الجانب الروحي.
أو حين يكون على الطاقة المحركة وحدها أو الطاقة الضابطة.
فالنتيجة هي الإيجابية المختلة هنا أو السلبية المختلة هناك.
وكذلك حين يكون التوقيع على إحدى هذه الطاقات بأكثر ما ينبغي لها، بحيث تطغى على ما يقابلها من طاقات.
والإسلام يريد الإنسان قوة إيحابية فاعلة، ولكنها سوية, وطريقته هي ذاتها التي أسلفنا: التوقيع على الأوتار كلها، مجتمعة مترابطة في آن.
ومن خصائص المنهج كذلك -ومن سمات الإنسان الصالح في ذات الوقت- الواقعية المثالية أو المثالية الواقعية.
الإسلام يأخذ الكائن البشري بواقعه الذي هو عليه. يعرف حدود طاقاته
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 31