responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 30
الوقت -الإيجابية السوية. فمن نتائج المزج بين طاقات الإنسان كلها وربطها بعضها ببعض، أن يتحول المخلوق البشري إلى طاقة إيجابية عاملة في واقع الحياة. ولكنها الإيجابية السوية التي لا تتنكب الطريق.
في الكائن الإنساني استعدادات مختلفة متباينة فيها الموجب وفيها السالب في كل اتجاه. وإذا تركت هذه الاستعدادات وشأنها، كل منها ينمو من ناحيته أو يتوقف عن النمو، فالنتيجة هي اختلال التوازن من جهة، واضطراب السمة التي يتصف بها الإنسان في مجموعه، فهو سلبي أحيانًا وإيجابي أحيانًا، على غير منهج سوي أو هدف مرسوم.
والإنسان -كما يريده الله- قوة فاعلة موجهة مريدة، ومن ثم فهو قوة موجبة في واقع الحياة، قوة دافعة إلى الإمام. قوة تسيطر على القوى المادية وتستغلها في عمارة الأرض.
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [1]. قوة يغير الله واقع البشر عن طريقها: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [2]. قوة تنشئ واقعها حسب المنهج الذي تؤمن به، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقيم بنفسها نظامها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [3].
قوة إيجابية ... ولكن بغير طغيان.
والطغيان -بكل أنواعه- هو المنزلق السهل أمام الإيجابية الفاعلة.
يطغى الإنسان على نفسه فيكبت بعض طاقاتها ليبرز بعضها الآخر.
يكبت طاقة الروح ليبرز طاقة الجسم أو طاقة العقل. يكبت معنوياته ليبرز جوانبه المادية، ويحقق كيانه عن طريق الإنتاج المادي.
ويطغي الإنسان على غيره، فيعطي نفسه حقوقًا لا يعطيها للآخرين. يعتبر نفسه -فردًا أو شعبًا- من عنصر ممتاز يحق له أن يستعبد الآخرين ويخضعهم لسلطانه. يحق له أن يسلبهم كراماتهم وحرياتهم ومقومات حياتهم،

[1] سورة الجاثية 13.
[2] سورة الرعد 11.
[3] سورة آل عمران 110.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست