responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 27
على أسرار الكون وقوانينه، والتعرف على سنن الله في الكون المادي وفي حياة الإنسان، واستغلال ذلك كله في تنظيم الحياة البشرية وتقويمها، والسير بها على نهجها القويم.
ومن بخس الإنسان لقدر نفسه أن يجهل طاقاته أو يهدر بعضهما لحساب بعض. فهو يستطيع دائمًا أن يكون نفسه كلها، وأن يعمل بطاقاته جميعًا في واقع الحياة. يستطيع أن يكون الإنسان العابد لله، المستمد
من هداه، ويكون الإنسان المفكر المتعرف على أسرار الكون وقوانينه، ويكون الإنسان العامل بجهده الحيوي لترقية الحياة وتنميتها. ولن يعطله جانب من هذه الجوانب -حين يسير على المنهج السوي- أن يشبع الجوانب الأخرى، أو يستفيد منها إلى غايتها. فهكذا قد خلقه الله قادرًا على هذا النشاط المتعدد، محققًا لكيانه في الاتجاهات كلها، وبهذه الطاقات المتعددة ذاتها منحه الخلافة في هذه الحياة.
بل الأمر أبعد من ذلك. فهو حين يستغل طاقاته كلها يكون أجود إنتاجًا وأوفر حصيلة. فهذا المخلوق البشري كالنبع الثر. يفيض بقدر ما تتفتح منه العيون، كلما فتحت عينًا جديدة تدفق المجموع. وهذا واقع الحياة الإسلامية الأولى هو الشاهد على تلك الظاهرة البشرية الفذة، فقد نشطت في كل اتجاه في العلم والعمل والفتح والتنظيم والتشييد، فكان علماؤها هم العلماء، وقادتها هم القادة، ونظامها هو النظام وحضارتها هي الحضارة, ولم تشعر أن نشاطها المادي يمنعها من عبادة الله والاستمداد من هديه، ولا أن عبادة الله تمنعها من الضرب في مناكب الأرض ولا عمارتها، ولا أن هذا وذلك يمنعانها من التفكير العلمي التجريبي، بل كانت هذه الجماعة -كما يقول "جب" وغيره من المستشرقين- هي التي أدخلت الطريقة التجريبية في البحث العلمي.
والأمر الثاني أن استغلال هذه الطاقات مجتمعة يحدث توازنًا في داخل النفس وواقع الحياة سواء.
التوازن -وهو سمة من سمات الإنسان الصالح- معنى واسع شامل يشمل كل نشاط الإنسان.
توازن بين طاقة الجسم وطاقة العقل وطاقة الروح. توازن بين ماديات الإنسان ومعنوياته. توازن بين ضروراته وأشواقه. توازن بين الحياة في الواقع

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست