اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 26
النفوس وإصلاح الحياة في الأرض. ثم كرمه السابغ سبحانه أن يثيب الناس على العبادة وهي عمل يعمله الإنسان لنفسه، والله غني عنه وعن العالمين1!
هكذا يعالج الإسلام النفس البشرية والحياة البشرية: جسم وعقل وروح ممتزجة مترابطة في كيان واحد. وطاقة جسمية وطاقة عقلية وطاقة روحية عاملة في الأرض، ممتزجة مترابطة، لا ينفصل عمل هذه عن تلك، ولا تنحسر واحدة انحسارًا دائمًا لتبرز الأخريات.
وهو يصل من هذا المزج إلى نتائج معينة هي التي تحدد سمات "الإنسان الصالح" وتبرزه حقيقة ملموسة في واقع الحياة
فالتوقيع على أوتار النفس كلها، مجتمعة مترابطة، يضمن شيئين معًا وفي آن واحد:
الأول: هو استغلال طاقات الإنسان كلها، فلا تهدر منها طاقة واحدة يمكن أن ينتفع بها الإنسان في عمارة الأرض والخلافة عن الله. فهذه الثروة المتمثلة في الكيان البشري ثروة ثمينة متفردة في نوعها، عجيبة في النتائج التي يمكن أن تصل إليها. ومن الكفران لنعمة الله -وهو بخس من الإنسان لنفسه في ذات الوقت- أن يهمل شيئًا منها فلا يستغله إلى آخر مداه.
من الكفر بأنعم الله ألا يستخدم الإنسان طاقته الحيوية في عمارة الأرض، بالتنقيب عن كنوزها، والتعرف على رزق الله الواسع فيها، واستغلال ذلك كله لترقية الحياة وتنميتها، والوصول بها كل يوم إلى مستوى جديد.
ومن الكفر بأنعم الله ألا يستخدم الإنسان طاقته الروحية في التعرف على الله، والاتصال به، والاستمداد من قوته، والاهتداء بهديه، والعمل بمقتضى ذلك كله على ترقية الحياة النفسية وتنميتها، والتعود على الخير، والتعود على الحب، والتعود على الشعور بترابط الإنسانية، ومحاولة إيصال الخير المادي الذي يصل إليه الإنسان بطاقته المادية، إلى جميع البشر، الخلفاء لله في مجموعهم، الشركاء في كل ثمار الحياة.
ومن الكفر بأنعم الله ألا يستخدم الإنسان طاقته العقلية في التعرف
1 انظر فصل "العبادات الإسلامية" من كتاب "في النفس والمجتمع".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 26