اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 200
التربية بالعادة:
العادة -كما أشرنا من قبل- تؤدي مهمة خطيرة في حياة البشرية. فهي توفر قسطًا كبيرًا من الجهد البشري -بتحويله إلى عادة سهلة ميسرة- لينطلق هذا الجهد في ميادين جديدة من العمل والإنتاج والإبداع. ولولا هذه الموهبة التي أودعها الله في فطرة البشر، لقضوا حياتهم -كما قلنا- يتعلمون المشي أو الكلام أو الحساب!
ولكنها على عظم مهمتها في حياة الإنسان تنقلب إلى عنصر معوق معطل، إذا فقدت كل ما فيها من "وعي" وأصبحت أداء آليًّا لا تلتفت إليه النفس، ولا ينفعل به القلب.
والإسلام يستخدم العادة وسيلة من وسائل التربية، فيحول الخير كله إلى عادة، تقوم بها النفس بغير جهد، وبغير كد، وبغير مقاومة.
وفي الوقت ذاته يحول دون الآلية الجامدة في الأداء، بالتذكير الدائم بالهدف المقصود من العادة، والربط الحي بين القلب البشري وبين الله. رابطًا تسري فيه الإشعاعة المنيرة إلى القلب، فلا ترين عليه الظلمات.
وخروجًا على المشروع؟ إنها لا تستحق أن تروى بغير التنفير الذي يثير منها الاشمئزاز.
تلك قاعدة مرعية في كل قصص القرآن عن "الفاحشة"، وهي كذلك ينبغي أن تكون مرعية في كل القصص "الإسلامي" إن الإسلام لا يحرم الفن. ولا يحرم وصف المشاعر الجنسية -نظيفة أو غير نظيفة- ولا يحرم وصف لحظة الهبوط والضعف. ولكنه يعرضها كما ينبغي أن تعرض. لحظة ضعف لا لحظة بطولة. ولحظة عابرة يفيق منها الإنسان إلى ترفعه الواجب، ولا يلبث دائرًا في حلقتها المرتكسة على الدوام.
وهكذا تلتقي مطالب الفن ومطالب التصور الإيماني دون تعارض ولا نزاع. ويستفيد الإسلام بالقصة في التربية دون أن يخرج عن أهدافه الأصيلة، أو بجانب الحق، أو يحول الفن إلى خطب وعظية سطحية التأثير[1]. [1] راجع في هذا كتاب "منهج الفن الإسلامي".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 200