اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 199
الأطفال! فالطفل وحده هو الذي يظن أنه يثبت وجوده حين يعصي، ويلغي كيانه إذا أطاع! ولكنه حين يكبر وينضج، حين يفهم الحياة في عمقها وحقيقتها يعرف أن هناك طريقين لا طريقًا واحدًا لإثبات الذات: طريق الطاعة وطريق العصيان. طريق الهدى وطريق الضلال. وأن الإنسان لا يثبت وجوده بطريق الانحراف عن الجادة والعناد مع الحق. إلا في حالة الضعف والمرض والهبوط. أما في حالته السوية، حالة الصحة والارتفاع، فإنه يجد ذاته في مستواها الأعلى حين يطيع دوافع الخير والهدى والاستقامة والصعود، ويحقق كيانه بقدر ما يستطيع من إطاعة تلك الدوافع الخيرة المهتدية إلى الله. أي بقدر ما يستطيع أن يضبط من شهواته ليقدر على الصعود.
هذه حقيقة البشرية على الأرض ... وهي الحقيقة التي ترمز لها قصة آدم في القرآن.
كما أن هناك نقطة بارزة أخرى في القصص القرآني وهو يعرض قصص "الفاحشة" إنه لا يعرضها لإثارة تلذذ القارئ أو السامع بمشاعر الجنس المنحرفة، كما تفعل القصص "الواقعية" و"الطبيعية" في المذاهب الحديثة الضالة. فلحظة الجنس -منحرفة أو غير منحرفة- لا تستأهل الوقوف عندها بأكثر من مجرد
الذكر. إنها ليست هي الحياة. إنها عارض يعرض في الحياة ويقضى. يقضى ليفسح المجال لأهداف الحياة العليا الجديرة بالتحقيق. يفسح المجال للتصور الإيماني الكبير للكون والحياة والإنسان. لملء المشاعر بذلك التصور، وإطلاق النفس في واقع الحياة تحاول أن تحقق من كماله وجماله ما تقدر عليه: من إقامة مجتمع نظيف. من تربية نفوس مستقيمة. من إقامة الحق والعدل في الأرض. من تمتيع الناس بحقوقهم، وتجميل الحياة لهم بحيث تستحق أن تعاش -في غير فتنة بها ولا انحراف.. وتلك كلها أهداف ضخمة تشغل الجنس البشري، وتشغل هم الإنسان الرفيع الذي ينبغي أن يعمر وجه الأرض. ومن ثم لا تستحق لحظة الجنس الوقوف الطويل عندها، وتفصيصها، وإعادتها، والتفنن في عرضها، لأن ذلك إسراف في المقادير اللازمة بالنسبة للحياة البشرية، وتحويل للوسيلة إلى أن تكون غاية، وهي ليست كذلك في الواقع ولا ينبغي أن تكون ... كل ذلك على فرض أنها لحظة جنس نظيفة عالية -لأنها في حدودها المشروعة-
فكيف إذا كانت انحرافًا
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 199