responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 201
وقد بدأ الإسلام -وهو ينشأ في الجاهلية- بإزالة العادات السيئة التي وجدها سائدة في البيئة العربية. واتخذ لذلك إحدى وسيلتين: إما القطع الحاسم الفاصل، وإما التدرج البطيء، حسب نوع العادة التي يعالجها، وطريقة تمكنها من النفس.
فكل عادة تتصل بأصل التصور والعقيدة والارتباط المباشر بالله، فقد قطعها قطعًا حاسمًا من أول لحظة. فهي كالأورام الخبيثة في الجسم ينبغي أن تستأصل من جذورها, وإلا فلا حياة.
والشرك بكل عاداته وتصوراته، من عبادة للأوثان، واجتماع حولها، وأداء لمراسم معينة من أجلها، كل ذلك قطعه من أول لحظة، وبضربة حاسمة. لأنه لا يمكن أن يستقيم إيمان وشرك، وعبادة لله وعبادة لغيره من الكائنات. ومن ثم كان ينقل المسلم نقلًا كاملًا حاسمًا صريحًا من "البيئة الفكرية" التي كان يعيش فيها إلى البيئة الجديدة الإيمانية، التي تقيم كل شيء فيها على أساس وحدانية الله الخالصة، ووحدانية القوة المسيطرة على الكون والمصرفة لجميع أموره.
وعادة مثل وأد البنات لم يكن يمكن مهادنتها وهي تقوم على أساس غير إيماني ولا إنساني. والخوف من الفقر -وهو الدافع الأول لوأد البنات- لا يجوز أن يخالط النفس المؤمنة المطمئة إلى الله. ثم إنه ظلم لا يستقيم مع "الحق" الذي خلقت به السموات والأرض: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [1].
وكذلك العادات النفسية من كذب وغيبة ونميمة وغمز ولمز وكبر وعنجهية.. إلخ، كان لا بد من مواجهتها مواجهة حاسمة، وإن كانت الوسيلة إلى ذلك التوجيه المحيي للقلب، والاتصال بالله في السر والعلن، وفي الأخذ والعطاء. وكلها عادات يمكن أن تنتقل فيها النفس -باللمسة الموحية- في لحظة واحدة من أقصى الشمال لأقصى اليمين دون تدرج ولا إبطاء!
أما العادات "الاجتماعية" التي لا تقوم على مشاعر "الفرد" وحدها،

[1] سورة التكوير 8-9.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست